وطريقته في الأحاديث المكرَّرة أنه يشرح في كلِّ موضع ما يتعلَّق بمقصد البخاري بذكره فيه، ويحيل بباقي شرحه على المكان المشروح فيه. وكثيرًا ما كان المصنِّف بقول: أودُّ لو تتبَّعت الحوالات التي تقع فيه، فإن لم يكن المُحالُ به مذكورًا، أو ذكر في مكانٍ آخر غير المحالِ عليه، فينبِّهُني عليه ليقع إصلاحه، فما فُعِلَ ذلك فأعلمه، وكذا ربما يقع له وترجيحُ أحد الأوجه في الإعراب أو غيره مِنْ الاحتمالات أو الأقوال في موضع، ثم ترجح في موضع آخر غيره، إلى غير ذلك مما لا طعن عليه بسببه، بل هذا أمر لا ينفك عنه كثير مِنَ الأئمة المعتمدين.
وكان يقول -كما أشرت إليه قبلُ-: لو التقط منه بيان ما وقع للكرماني في "شرحه"، وللزركشي في "تنقيحه"، لكان -وهو قدر مجلد أو أكثر بانضمامه للكتابين المذكورين- شرحًا حسنًا، يسَّر اللَّه ذلك.
وقد تصدَّى لاختصار الشرح المذكور شيخنا الإمام الرُّحلة المكثر شرف الدين أبو الفتح المراغي المدني نزيل مكة، فلم يُصب، حيث حذف منه ما يجب إثباته، وكذا شرع في اختصاره غيرُ واحدٍ من الشيوخ والطلبة.
[والتقط منه صاحبنا القاضي قطب الدين الخيضري أسئلة وأجوبة يُبديها في مجالسه، فيقع لها من الفضلاء بهجة] (?).
وكلٌّ يدعي وصلًا لليلى ... وليلى لا تقرُّ لهم بذاكا
ولقد سمعت مصنِّفَه صاحبَ الترجمة رحمه اللَّه مرارًا ينكر إمكان اختصاره، ويقول: ما أعلمُ فيه شيئًا زائدًا عن المقصود. وأقول: إن ذلك بالنسبة لما لم يقع منه السَّهوُ في تكريره، حيث يكرر الأحاديث مما لا يتعلَّق بالأحكام غالبًا، ولكن صاحب البيت أدرى بالذي فيه.