ويؤلِّب، ويصيح ويجتهد في بلوغ مقصده، إلى أن ظهر لقانباي الحيفُ في ذلك، لكنه ما استطاع مدافعةَ القائم في معارضته.
هذا وقانباي كان في نفسه من صاحب الترجمة، لكونه حكم عليه في واقعة، ومع ذلك فما مال عليه، لظهور الأمر عنده.
وراسل شيخُنا السَّفطيَّ يسأله الحكم في الواقعة بما يتبيَّن له، أو يأمر أحدًا من نوَّابه بذلك، فما جسر عليه، وراسله مرة أخرى قبل ذلك يَعْتِبُه في إيصال القضية بالسلطان، فقال: واللَّه ليس عندي أعظم من شيخ الإسلام، غير أن ولده هو الذي تلقى عن ابن عبد العزيز بقوله: أنا المتصرف، وإلا فما كان الكلام إلا مع ابن عبد العزيز، ولقد رام السلطان ضربه، فمنعته وقلت: هذا شيخ كبير، أخشى أن يموت ويضيع مال جامع طولون، وكان ابن عبد العزيز جلدًا ثابتًا.
وآل أمر قانباي إلى أن دفع القضية عن نفسه، وأمر بتوجههم إلى ناظر الخواص الجمالي يوسف ابن كاتب جكم، فساس القضية بحُسْنِ تدبيره إلى أن التمت، وكانوا -أعني ولد شيخنا وجماعته- عنده مكرمين، وصار في رمضان يخرج لهم بالعشاء الملائم ونحو ذلك. هذا بعد أن حضر شيخ الإسلام إلى الجمالي المذكور وعرَّفه أن القول قولُ النَّاظر، وأمروا ابن الطولوني بكشف عمارة الجامع بالمهندسين، ثم أمر بتوجه ابن شيخنا إلى بيته بعد أن باع حينئذٍ شيئًا مِنْ أملاكه، وكان -فيما قال لي ابن الشطنوفي- صولح لجهة الرقف بدون ألف دينار بعد أن كان ابن شيخنا رام أن يقف بجميع المستحقين (?) وغيرهم إلى السلطان ممن استكتبهم بالتعليق لجوامِكهم، فعارض الشطنوفي في ذلك، وهو القائم بأعباء هذه الكائنة، ومع ذلك فما أبدت (?) إلا القهر لصاحب الترجمة بسب ولده, فإنه كان في ضيق صدر زائدٍ وألم شديد بسببه، وتأوُّهٍ كبير، فكل يوم يسمع مِنَ الأخبار ما لم يسمعه بالأمس، وكان يتوجَّه إليه في الجمعة يومًا أو أكثر إلى المكان الذي يكون