علي بن سالم المارديني، ابتدأ فيها يوم الثلاثاء خامس عشر رمضان مِنَ السَّنة، وختمها في يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي القعدة منها، وأنشد فيها من نظم القاضي بدر الدين ابن جماعة:
ارْضَ مِنَ اللَّه ما يُقَدِّره ... أراد منكَ المُقَامَ أو رَحلكْ
وحيث ما كنت ذا رفاهيةٍ ... فاسكُن، فخيرُ البلاد ما حملكْ
ومن قوله مذيِّلًا على هذين البيتين:
وحسِّن الخُلق واستقِمْ، ومتى ... أسات أحْسِنْ ولا تُطِلْ أمَلَكْ
من يتَّق اللَّه يؤته فَرَجًا ... ومَنْ عصاه ولا يتوبُ هَلَكْ
ثم رجع إلى وطنه وقد انقطع الإملاء بالقاهرة نصف سنةٍ، فشرع في إملاء تخريج أحاديث "الأذكار" لولي اللَّه تعالى أبي زكريا النَّووى بالبيبرسية على عادته قبل سفره. وكان الابتداءُ في يوم الثلاثاء سابع صفر سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، واستمر فيه حتَّى بلغت مجالسه -إلى يوم الثلاثاء خامس عشري ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ستمائة وستين مجلسًا، وكان قد ابتدأ به الوَعْكُ قبلُ بيسير، فانقطع لأجله، واستمر حتَّى مات.
وكان المستملي لها الشيخ رضوان المذكور، ربما يغيبُ (?) أحيانًا، فيستملي عِوَضَه العلَّامة ابن خضر، إِلَّا أنَّ [المجلس الذي كان إملاؤه في خامس شعبان سنة خمس وأربعين قرأت بخط الشهاب ابن تمريّة أنَّه كان باستملاء إبراهيم البقاعي، واللَّه أعلم، والأصحُّ] (?) المجالس الأخيرة -وهي اثنا عشر مجلسًا- كانت باستملاء الإمام المحدِّث شمس الدين ابن قمر، لكون كلِّ واحدٍ مِنَ المذكورين أولًا كان قد توفّي، وسعى غيره في ذلك، فما أُجيب.