ومنهم: العلامة الفقيه الرباني، برهان الدين إبراهيم الأبناسي -رحمه اللَّه- فقرأت بخطه على "المائة العشاريات"، تخريج صاحب الترجمة للبرهان التَّنوخي ما صورته:
الحمد للَّه الذي رفع عَلَمَ العُلَمَاء وشرَّفهم ومن إليهم انتمى، وجعلهم ورثة الأنبياء، والسادة الأتقياء. فعليهم في الشريعة المعتَمَدُ في حفظ المتون والسند. فله الحمدُ على ما علَّم، وله الشُّكْرُ بما تفضَّلَ به وأنعم. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، شهادةً تمحِّصُ ما خصص وعمَّم. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، أشرف المخلوقات وأعظم. صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وشرِّف وكرِّم.
وبعد، فلما كان الاشتغالُ بالعلم الشَّريف مِنْ أعزِّ المطالب، وأشرفِ المكاسبِ، اعتنى بتحصيله كلُّ لبيبٍ وطالبٍ، وكان ممَّن لاحَظَتْهُ عيونُ السَّعادة، وسبقت له في الأزل الإرادة، الشيخ الإمام العلامة المحدث المتقن المحقِّق، الشيخ شهاب الدين أبو الفضل أحمد ابن الشيخ الإمام العالم صدر المدرسين، مفتي المسلمين، أبي الحسن عليٍّ، الشهير بابن حَجَر، نور الدِّين الشافعي، لما عنيت به عناية التَّوفيق، ورعاية التحقيق، نظر في العلوم الشرعية، فأتقن جلَّها، وحلَّ مشكلها، وكشف قناع معضلها، وصَرَف هِمَّته العليَّة إلى أشرفها؛ علم الحديث، وهو أفضلُها، فاجتمع على المشايخ الجِلَّة، وكلِّ مُسنِدٍ ورُحْلة. فاستفاد منهم وأفاد، وانتقى الأسانيد الجِياد. فكان ممن أخذ عنه المخرَّج له هذا الجزء اللَّطيف، وهو الشيخ الإمام العالم العلامة صدر المدرسين، مفتي المسلمين، أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد الشامي. خرج له مِنْ مروياته وقراءاته ومناولاته ووجَاداته وسماعاته، والكتابة إليه وإجازاته، عشاريات لم يُنسج مثلُها على مِنْوال، ولا ضرب لها ماثلٌ بمثال، وسَمَها (?) "بنظم اللآلي بالمائة العوالي".