لَهْفِي على المِدَحِ استَحَالَت للرِّثَا ... وقُصُورُ أَبيَاتي غَدَتْ مُتَقَاصِرهْ
لَهْفِي عَلَيهِ عالِمٌ بِوفَاتِهِ ... درَسَتْ درُوسٌ للمَدَارِسِ داثرهْ
لَهْفِي على الإمْلاءِ عُطِّلَ بَعْدَهُ ... وَمَعَاهِدُ الإسمَاعِ إذ هِي شَاعِرهْ
لَهْفِي عَلَيْهِ حافِظُ العَصْرِ الَّذي ... قد كَانَ مَعْدُودًا لِكُل مُنَاظَرَهْ
لَهْفِي على الفِقْهِ المُهَذَّبِ والمُحَرَّ ... رِ حاوي المَقْصُودِ عِندَ مُحَاوِرَهْ
لَهْفِي على النَّحوِ الذي "تَسْهيلُه" ... "مغْنِي اللَّبيب" "مُسَاعِدٌ" لمُذَاكِرهْ
لَهْفِي عَلى اللُّغَةِ الغَريبَةِ كَمْ ... أرانا مُعْرِبًا بِصحَاحِهَا المُتَظَاهِرهْ
لَهْفِي على عِلْمِ العرُوضِ تَقَطَّعَت ... أسبابُه بِفَوَاصِل مُتَغَايِرَهْ
لَهْفِي عليه خِزَانَةُ العِلْمِ الَّتي ... كانَتْ بها كُل الأفَاضِل ماهِرَهْ
لَهْفِي على شَيْخي الَّذي سَعِدَتْ به ... صَحْبٌ وأوجُهُ ناظِرِيهِ ناظِرَهْ
لَهْفِي على التَّقْصير منِّي حَيثُ لَمْ ... أُمْلِي النَّواحي بالنُّواحِ مُبَادرَهْ
لَهْفِي على عُذْرِي على (?) اسْتِيفَاءِ ما ... نَحْوي وَعَجْزِي أَنْ أَعُدَّ مآثِرَهْ
لَهْفِي على لَهْفِي وهل ذَا مُسْعِدي ... أو كان يَنْفَعُني شَدِيدُ محَاذَرَهْ
لَهْفِي على مَنْ كُلُّ عام للهَنَا ... تأتي الوُفُودُ إلى حِبَاه مُبَادرَهْ
والآنَ في ذَا العام جاؤوا للعَزا ... فيه وعادُوا بالدُّمُوعِ الهَامِرَهْ
قَدْ خلَّفَ الدُّنْيَا خَرابًا بَعْدَهُ ... لكِنَّما الأُخْرَى لَدَيْه عامِرَهْ
وَبِمَوتِه شعر الفؤاد وأعلم الـ ... ـعين انثنَتْ في حالتَيها شاعرهْ
وَليَ المَحَاجِرُ طَابَقَتْ إذْ للرّثَا ... أنَا نَاظِمٌ وَهْيَ المَدَامِعُ نَاثِرَهْ
فَكَأنَّه في قَبْرِهِ سرًا غَدَا ... في الصدر والأفهامُ عنه قَاصِرَهْ
وكأنَّه في اللَّحْدِ مِنْهُ ذَخِيرَةٌ ... أعْظِمْ بِهَا دُرَرُ العُلُومِ الفَاخِرَهْ
وكأنَّه في رمْسِهِ سيفًا ثَوَى ... في الغِمْدِ مَخْبوءًا لِيَوْمِ الثائِرَهْ