تقبَّل اللَّه حجًّا جئت منه إلى ... منازل زانها مذ جئتَها الخفرُ
ما قمت يا حجريِّ البيت مستلمًا ... إلا درى بالمقام الحِجْر والحَجَرُ
أكثرت حجًّا وتطوافًا فقلت لمن ... ضاهى وكم لعليٍّ بعدها عُمرُ
يقبِّل الأرض وينهي هناء بجوار ذلك البيت المحرم، والوصول لكيما السعادة عند الظفر بذلك الحجر المكرم، والسير الذي تودُّ العينُ لو اكتحلت من إثمده بمرود، والعيش الأبيض بذي الخال الأسود والمقام بالمقام، والسعادة التي أحلَّت مولانا بالبيت الحرام، والحِجْر الذي ظفر به الفائزون فغنموا أجورًا، وانقطع عنه العاجزون، فرأوه حِجْرًا محجورًا. كم سكر الساعون بين المروتين، وكحلوا نواظرهم حال السعي بينهما بالميلين الأخضرين سرورًا يتبعه سرور، ونظرة لاح لها من إشراق ما (?) وَجه مولانا نور على نور. فهنيئًا لمولانا طوافُه وتركعه، وشربُه مِنْ ماء زمزم وتضلُّعه، وتعبُّده الذي يقطع الزمان في اتصاله ولا يقطعه، والصاعدُ من الكلم الطَّيب الذي يتقبَّله اللَّه، والعمل الصالح يرفعُه، لقد استفرغ وسعه في جلاء صحائف الحسنات، وأفنى دَرَج سُلَّماته، ليقعد -إذا قامت الساعة- على أعلى الدرجات، ما سار مِنْ حَرم إلا إلى حرم. ولا ارتحل من معدن كرم إلا إلى معدن كرم، فطُوبى لإيابه بطيبة، وللَّه فوزه بالمقام الذي خضعت الملائكة والملوك له هيبة. لقد اجتنى من تلك الروضة ثمار العفو يانعة، واجتلى مِنْ حرم من انشقَّ له القمرُ شمس الرِّضا طالعة، وحبذا عودُه إلى الأوطان بعد قضاء الأوطار، وقدومه في الوفد الذي أضاعت بُدور وجوههم في أهله الأكدار، والرَّكبِ الذين تضوع أرواح نجدٍ عند قدومهم، لقرب العهد من الدار.
وكتب البرهان إلى الجمال ابن نباتة أبياتًا، جاء منها مما يتعلق بالمذكور قوله: