شعر ... وَإِذا تكون كريهة ادّعى لَهَا ... وَإِذا يحلس الحيس يَدعِي جُنْدُب ...
وَلَئِن كَانَ الْحسن وَابْن سِيرِين فاضلين كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا يتَكَلَّم فى الْأُخَر بِمَا يصدق قَول الْأَعْمَش كَانَ ابْن سِيرِين يعرض بالْحسنِ المعتزلي وَيَقُول يَأْخُذ الجوائز من السُّلْطَان ويروي بالمحالات ويفتي بالهوى وَيَقُول بِالْقدرِ كَأَنَّهُ إِلَه الأَرْض ينْفَرد بِالْفِعْلِ دون ربه ويروي عَن عَليّ كَأَنَّهُ رَآهُ وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب كَأَنَّهُ شَاهده وَيَقُول بِفضل عُثْمَان كَأَنَّهُ من موَالِيه أعاذنا الله تَعَالَى وَإِيَّاكُم مِنْهُ فَلم يزل يَقُول ذَلِك حَتَّى قَامَ خَالِد الْحذاء يَوْمًا من مَجْلِسه وَقَالَ مهلا يَا ابْن سِيرِين لم تَقول فى هَذَا الرجل قد استتيب عَن الْقدر عَام حجه وفيهَا أَيُّوب السخستياني وَمَالك بن دِينَار وَمُحَمّد بن وَاسع فَتَابَ وَيَتُوب الله على من تَابَ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تعيروا أحدا بِمَا كَانَ فِيهِ من الْكفْر فَإِن الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله ثمَّ قَالَ الإِمَام مَا أعجب مَا قَالَ خَالِد وَهَذَا مُحَمَّد بن وَاسع وَقَتَادَة وثابت الْبنانِيّ وَمَالك بن دِينَار وَهِشَام بن حسان وَأَيوب وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَغَيرهم يذكرُونَ أَن الْحسن لم يتب عَن الْقدر حَتَّى مَاتَ وَهَذَا عَمْرو بن عبيد وواصل بن عَطاء وغيلان بن جرير وَغَيرهم يدعونَ النَّاس إِلَى مَذْهَب الْحسن وهلم أهل الْبَصْرَة جرا على هَذَا الْمَذْهَب فارتفع قَول خَالِد من هَؤُلَاءِ وَقد قيل إِن خَالِدا تمذهب هَذَا الْمَذْهَب أَيْضا وَكَانَ الْحسن يعرض بِابْن سِيرِين وَيَقُول يتَوَضَّأ بالقربة ويغتسل بالراوية صبا صبا دلكا دلكا تعذيبا لنَفسِهِ وَخِلَافًا لسنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعبر الرُّؤْيَا كَأَنَّهُ من آل يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فدع عَنْك أَيهَا الرجل هَذَا وهلم فِيمَا قصدت لَهُ وَتعلم مَا لَا يسعك إِن الإمم قبلكُمْ مَا اجْتمعت وَلَا تَجْتَمِع أبدا وَالله تَعَالَى يَقُول {وَلَا يزالون مُخْتَلفين إِلَّا من رحم رَبك}