الطَّحَاوِيّ من أَئِمَّتنَا وخاله الْمُزنِيّ من الشَّافِعِيَّة فأفتيا بِالْحُرْمَةِ وَوَافَقَهُمَا فى ذَلِك أَئِمَّة عصرهما والمكتوب فى حَاشِيَة الْقنية عَن الْعَلامَة مَوْلَانَا سيف الدّين الْفَقِيه أَن من يعْتَاد أكل البنج يُعَاقب بِالْقَتْلِ وَهَذَا مَحْمُول على أَنه يَأْكُلهُ لتَحْصِيل السكر ويزعمه حَلَالا

وَأما مَا ذكره الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة من الْآثَار الحسان وَالْأَحَادِيث الصِّحَاح من تَعْلِيق الحكم وَهُوَ الْحُرْمَة بالسكر قل المشروب أَو كثر فقد تكلم فِيهِ رَئِيس الْمُحدثين يحيى بن معِين وعَلى التنزل فمأول بِأَن المُرَاد من السكر هُوَ الْمُسكر بِالْفِعْلِ وَالْمَنْع من شرب قَلِيله إِنَّمَا هُوَ فى حق من يشرب لقصد السكر والتلهي لَا للنشاط على الطَّاعَة وَالتَّقوى أَو لِئَلَّا ينجر قَلِيله إِلَى كَثِيره كَالرَّاعِي حول الْحمى

وَقد ذكر الطَّحَاوِيّ وَغَيره أَن عِنْد مُحَمَّد كل مَا يسكر كَثِيره فقليله حرَام وَأما فَتْوَى المشائخ على رَأْي أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمَعَ هَذَا فَفِي فتاوي قَاضِي خَان أَنه سُئِلَ الإِمَام أَبُو حَفْص الْكَبِير عَن هَذَا فَقَالَ لَا يحل شربه فَقيل لَهُ خَالَفت الشَّيْخَيْنِ فَقَالَ لَا لِأَنَّهُمَا كَانَا يحلان الاسمر للتقوى وَالنَّاس فى زَمَاننَا يشربونه للفجور والتلهي وشربه للهو لَا يحل اجماعا

ثمَّ فى قَوْله وَعدم التَّكْفِير بهَا أَي بكبيرة رد على الْخَوَارِج وَقَوله وَعدم التَّكَلُّم فى الله بِشَيْء يَعْنِي فى صِفَات الله كَذَا ذكره الكردري وَفِيه بحث إِذْ تكلم الإِمَام على الصِّفَات فى الْفِقْه الْأَكْبَر وَغَيره والمسئلة تنَازع فِيهَا أهل السّنة والمعتزلة حَيْثُ أثبتها الْأَولونَ قائلين بِأَنَّهَا قديمَة لَا عين الذَّات وَلَا غَيرهَا وَالْآخرُونَ نفوها تَحَرُّزًا من تعدد القدماء فَيَنْبَغِي حمل كَلَام الإِمَام على نفي الْكَلَام فى كنه ذَاته وَصِفَاته أَو على نَفْيه فيهمَا مُطلقًا بِمُجَرَّد الدّلَالَة الْعَقْلِيَّة فَفِيهِ رد على الْحُكَمَاء وَبَعض الجهلة من المتصوفة الْقَائِلين بوحدة الْوُجُود والإتحاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015