هُنَا أَنَّ كُلَّ مَا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ بَلْ وَسَائِرِ أَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ عِلْمٍ نَافِعٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ فَهُوَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ. وَعِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ فِي جَمِيعِ الْمَطَالِبِ الَّتِي تُنَالُ بِهَا السَّعَادَةُ وَالنَّجَاةُ. وَعُقَلَاءُ جَمِيعِ الْأُمَمِ تَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَتَنْهَى عَنِ الظُّلْمِ، وَالْفَوَاحِشِ، وَلَهُمْ عُلُومٌ إِلَهِيَّةٌ وَعِبَادَاتٌ بِحَسَبِهِمْ، وَيُعَظِّمُونَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْهُمْ. وَالْهِنْدُ، وَالْيُونَانُ، وَالْفُرْسُ فِي ذَلِكَ أَكْمَلُ مِنْ كُفَّارِ التُّرْكِ، وَالْبَرْبَرِ، وَنَحْوِهِمْ، مَعَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَيْضًا فِيهِمْ قِسْطٌ مِنْ ذَلِكَ. وَمَعْلُومٌ عِنْدَ الِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأُمَمَ الَّذِينَ لَهُمْ كِتَابٌ كَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى أَكْمَلُ مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ فِي الْفَضَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ، وَالْعَمَلِيَّةِ، فَإِنَّ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ النَّاسُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ، وَالِاعْتِبَارِ، أَوْ بِالْمَنَامِ، وَالْإِلْهَامِ، وَأَخْبَارِ الْجِنِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ الْأُمَمِ. وَكُلُّ طَرِيقٍ صَحِيحٍ مِنَ الطُّرُقِ الْعَقْلِيَّةِ، وَالْإِلْهَامِيَّةِ، وَغَيْرِهَا، شَارَكَ