حَادِثًا يُنَاسِبُ تِلْكَ الْوِلَادَةِ الْمُحْدَثَةِ، قَالَ تَعَالَى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام: 101] وَلِهَذَا كَانَ الْحُلُولُ أَسْهَلَ مِنَ الِاتِّحَادِ.

فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ حَلَّ فِي جَسَدِ الْمَسِيحِ وَمَاسَّهُ وَبَاشَرَهُ، كَمَا يَحُلُّ الْمَاءُ فِي اللَّبَنِ، كَانَ أَهْوَنَ مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ وَالْتَحَمَ بِهِ.

فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ مَرْيَمَ امْرَأَةُ الْقَدِيمِ وَصَاحِبَتُهُ وَزَوْجَتُهُ، كَانَ مَا فِي هَذَا مِنْ إِثْبَاتِ مُبَاشَرَتِهِ لَهَا وَمُمَاسَّتِهِ لَهَا وَاتِّصَالِهِ بِهَا.

وَمَهْمَا قُدِّرَ مِنَ اتِّصَالِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ، أَهْوَنُ مِمَّا قَالُوهُ مِنَ اتِّحَادِ الْقَدِيمِ بِالْمُحْدَثِ، وَمَصِيرِهِ إِيَّاهُ، إِمَّا جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَإِمَّا شَخْصًا وَاحِدًا، وَإِمَّا مَشِيئَةً وَاحِدَةً.

وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ النِّكَاحَ الْحِسِّيَّ أَسْهَلُ مِنَ الْوِلَادَةِ الْحِسِّيَّةِ.

فَالذَّكَرُ مِنَ الْحَيَوَانِ إِذَا نَكَحَ الْأُنْثَى، فَإِنَّمَا مَسُّ الذَّكَرِ لِلْأُنْثَى، لَمْ تَصِرِ الْأُنْثَى مُتَوَلِّدَةً عَنْهُ. فَإِذَا جَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ لِلرَّبِّ الْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ مَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُ وَيَتَّحِدُ بِهِ، وَهُوَ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ، فَلَأَنْ يَكُونَ لَهُ مَا يَمَسُّهُ أَوْلَى وَأَحْرَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015