مُتَنَاقِضًا، بَلْ قَالَ: أَقْرَرْتُ بِهَذَا الدَّيْنِ، ثُمَّ وَفَّيْتُكَ إِيَّاهُ، وَأَنْتَ تُقِرُّ بِوَفَائِهِ، وَإِقْرَارُكَ مَكْتُوبٌ فِي ظَهْرِهَا، فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَحْتَجَّ بِإِقْرَارِي بِالدَّيْنِ دُونَ إِقْرَارِكَ بِالْوَفَاءِ، بَلْ إِمَّا أَنْ تَعْتَبِرَ مَا فِي الْوَثِيقَةِ مِنْ إِقْرَارِي وَإِقْرَارِكَ وَإِمَّا أَنْ تُبْطِلَ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ.
وَهَذَا كَلَامٌ عَدْلٌ كَالشَّرِيكَيْنِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، مِثْلَ شَرِيكَيِ الْعِنَانِ، إِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ: إِنْ حَصَلَ رِبْحٌ فَهُوَ لِي وَلَكَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَلَا لِي وَلَا لَكَ.
وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ وَالْمُؤَاجِرُ الَّذِي يَقُولُ: إِنْ كَانَ بَيْنَنَا مُعَاوَضَةٌ فَعَلَيْكَ تَسْلِيمُ مَا بَذَلْتُهُ، وَعَلَيَّ تَسْلِيمُ مَا بَذَلْتَهُ، لَا يَسْتَحِقُّ هَذَا إِلَّا بِهَذَا، فَهَذَا كُلُّهُ كَلَامٌ عَادِلٌ وَإِنْصَافٌ، بِخِلَافِ الشَّخْصِ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَالْكِتَابِ الَّذِي يُقَالُ: إِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ، فَإِنَّ هَذَا إِنْ كَانَ رَسُولًا صَادِقًا فَجَمِيعُ مَا بَلَّغَهُ مِنَ اللَّهِ حَقٌّ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ أَرْسَلَهُ، فَجَمِيعُ مَا بَلَّغَهُ عَنِ اللَّهِ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ، فَلَا يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ خَبَرِهِ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى اللَّهِ شَيْءٌ وَلَا يُحْتَجُّ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ عَلَى شَيْءٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنِ ادَّعَى الرِّسَالَةَ وَعُلِمَ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَالْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ