الفرع الثاني: الظروف المسقطة للقصاص أو المخففة للعقوبة:
قد تقترن الجناية بظروف طبيعية أو عارضة تجعل توافر القصد الجنائي فيها أمرا غير مقطوع به، إما لفرط الصلة وقوة الرابطة بين الجاني والمجني عليه مما يبعد هذا القصد، كما في جناية الأب على ابنه، أو لضعف في العقل أو قصور في الإدراك، طبيعيا كان كما في جناية الصبي والمجنون، أم عارضا كما في جناية السكران، أو كان عدم القصد ناشئا عن أن الجاني كان مسلوب الإرادة وقت ارتكابه الجناية بفعل قاهر كالإكراه، ولقد تأول الفقهاء هذه الظروف جميعها، وبينوا أثرها على العقوبة، ونوضح آراءهم كما نبين موقفهم من رضا المجني عليه بالجناية مع مقارنتها بالقانون.
جناية الأب على ابنه:
يتبين لنا مما ذكرناه في شروط استيفاء القصاص1 أن للفقه الإسلامي في جناية الوالد عن ولده ثلاثة آراء:
الرأي الأول: يرى الحنفية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية، والإمامية، والإباضية: أن الأب لا يقتل بابنه؛ لما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يقاد للوالد بالولد" 2.