ويعتبر اعتداء الصائل قائما إذا استولى على مال أو غيره وولى به هربا؛ حيث يكون للمصول عليه استرداده، ويعتبر في حالة دفاع إلى أن يتم له ذلك؛ لقول عليه الصلاة والسلام: "قاتل دون مالك" أي: لأجل مالك، فله المقاتلة حتى استرداد المال؛ لأن له أن يمنعه من أجل ماله بالقتل ابتداء، فكذا له أن يسترده بالقتل انتهاء إذا لم يقدر على أخذه منه إلا به.

ولو علم أنه لو صاح به يطرح ماله ويلقيه فلم يفعل ذلك وقتله مع ذلك يجب القصاص عليه؛ لأنه قتله بغير حق، وهو بمنزلة المغصوب منه إذا قتل الغاصب حيث يجب عليه القصاص؛ لأنه يقدر على دفعه بالاستعانة بالمسلمين والقاضي، فلا تسقط عصمته1.

رابعًا: أن يثبت المصول عليه أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس أو المال أو العرض، كأن يأتي ببينة على أنه قبله أو أصابه دفعا عن نفسه أو عرضه أو أنه دخل منزله يكابره على ماله فلم يقدر على دفعه إلا بذلك، فإن لم يثبت ذلك لزمه القصاص، وسواء وجد في دار القاتل أو في غيرها، أو وجد معه سلاح أو لم يوجد؛ لما روي عن علي -رضي الله عنه- أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلا فقتله، فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته، ولأن الأصل عدم ما يدعيه فلا يثبت بمجرد الدعوى، وإن اعترف ولي الدم بذلك فلا قصاص عليه ولا دية.

ولما روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه كان يوما يتغدى إذ جاء رجل يعدو وفي يده سيف ملطخ بالدم، ووراءه قوم يعدون خلفه، فجاء حتى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن هذا قتل صاحبنا، فقال له عمر: ما يقولون؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إني ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته، فقال عمر: ما يقول؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، إنه ضرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015