طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} 1، فأمر الله بقتال الفئة الباغية، ولا بغي أشد من قصد إنسان بالقتل بغير استحقاق، فاقتضت الآية قتل من قصد قتل غيره بغير حق.
وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} فأخبر أن في إيجابه القصاص حياة لنا؛ لأن القاصد لغيره بالقتل متى علم أنه يقتص منه كف عن قتله، وهذا المعنى موجود في حال قصده لقتل غيره؛ لأن في قتله إحياء لمن لا يستحق القتل.
وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} 2 فأمر بالقتال لنفي الفتنة، ومن الفتنة قصده قتل الناس بغير حق.
ويدل على الوجوب أيضا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي سعيد الخدري: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذاك أضعف الإيمان" فأمر بتغيير المنكر باليد، وإذا لم يمكن تغييره إلا بقتله فعليه أن يقتله بمقتضى ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم.
ولا نعلم خلافا في أن رجلا لو شهر سيفه على رجل ليقتله بغير حق أن على المسلمين قتله، فكذلك الحكم للمقصود بالقتل.
وأما الاستدلال بقصة ابني آدم الواردة في قوله تعالى: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} فقد قال ابن عباس: معناه