إذ جاءه رجل يعدو، وفي يده سيف ملطخ بالدم، ووراءه قوم يعدون خلفه، فجاء حتى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن هذا قتل صاحبنا، فقال له عمر: ما يقولون؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إني ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته، فقال عمر: ما يقول؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة، فأخذ عمر سيفه فهزه، ثم دفعه إليه، قال له: إن عادوا فعد، رواه سعيد في سننه1.
والناظر في حقيقة وجوب المدافعة هنا يجد أنها قد قارنت حق الله؛ وهو الحفاظ على الأعراض، الذي شرع من أجله "حد الزنا" وحد الزنا خالص حق الله تعالى، فتكون مدافعة المعتدي هنا هي نوع من حماية حقوق الله تعالى، وحمايتها واجب على الجميع؛ لأن ضررها يمس المجتمع كله، سواء من كان يراد الاعتداء عليه أو غيره، ولأن وسيلة الوصول إلى الاستمتاع مقررة ومحددة شرعا، فالوصول إليها من غير هذا الطريق هو هدم لشرع الله، وانتهاك لحرماته، فكان التصدي لذلك مفروضا، وترك التصدي لذلك حراما يستوجب الإثم والعقوبة2.
الحالة الثانية: الدفاع عن النفس: اختلف الفقهاء في كون الدفاع عن النفس واجبا أم جائزا إذا كان الصائل معصوم الدم.
فيرى الحنابلة والشافعية -على الأظهر- أن الدافع هنا جائز وليس بواجب؛ وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الفتنة: "اجلس في بيتك،