الأعين الباقيات التي لم تستوف القصاص، تقسم بينهم على السواء، فلو اقتص أحدهم بالعين دون الآخرين استحق الآخرون الديات دون المقتص، والفرق بين النفس والأطراف أن النفس لا يمكن تبعيضها، وسائر الأطراف يمكن تبعيضها1.
الأدلة:
لقد استدل الحنابلة بالسنة والقياس، كما ناقضوا الأدلة التي استدل بها أصحاب الرأي الأول والثاني.
أما السنة: فقد استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ... فمن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين: إن أحبوا قتلوا، وأحبوا أخذوا العقل"، فظاهر هذا الحديث أن أهل كل قتيل يستحقون ما اختاروه من القتل أو الدية، فإذا اتفقوا على القتل وجب لهم، وإن اختار بعضهم الدية وجب له بظاهر الخبر؛ فيكون هذا الحديث حجة على الحنفية والمالكية.
وأما القياس: فقد قالوا: إن الجنايتين إذا كانتا خطأ لا تتداخلان، وكذلك إذا كانت إحداهما خطأ والأخرى عمدا، فلم يتداخلا في العمد قياسا على ذلك كالجنايات على الأطراف، وقد سلم الحنفية بذلك.
وقالوا على قول الشافعية: "إن حقوقهم لا تتداخل كسائر الحقوق"، إن محل الجناية محل تعلق به حقان لا يتسع لهما معا، فإن رضي المستحقان