وقال الحنفية: إن زهوق الروح لا يتجزأ، واشتراك الجماعة فيما لا يتجزأ يوجب التكامل في حق كل واحد منهم، فيضاف إلى كل واحد منهم متكاملا، كأنه ليس معه غيره؛ كولاية الإنكاح في باب النكاح؛ حيث تثبت هذه الولاية لكل واحد من الأولياء المتساوين في الدرجة على سبيل الكمال، فإذا تولى العقد واحد منهم كان العقد صحيحا نافذا ليس لأحد من الباقين حق الاعتراض؛ لأن الولاية حق واحد لا يتجزأ1.

ويضاف إلى ما تقدم أن القصاص لو سقط بالاشتراك لأدى هذا إلى أن يسارع مريد والقتل إلى التعاون على ارتكاب جناياتهم بالاشتراك، فيؤدي هذا إلى إسقاط حكمة مشروعية القصاص، وهي الردع والزجر الذي يمنع تفشي القتل بين الناس؛ لكي تكتب الحياة لنفوس كثيرة، ويمنع اختلال الأمن واضطرابه حتى يتذوق الناس طعم حياتهم، ويشعروا بوجودها {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} .

ومما يؤيد هذا أن الغالب في جرائم القتل أن ترتكب بالاشتراك؛ خوفا من تغلب المجني عليه على الجاني إذا كان منفردا، واحتياطا من وصول غوث قد يعرقل تنفيذ جريمتهم، وإذا كان القتل بهذه الكيفية هو الغالب فالزاجر إنما يشرع فيما يغلب وقوعه لا فيما يندر، فشرعية القصاص في هذه الحالة من باب أولى.

لقد أثار فقهاء الحنفية عدة اعتراضات على ما استدل به جمهور الفقهاء، وما استدلوا به وأجابوا عنها، ومنها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015