قصاص، وهذا لا ينفي أن يكون قتل الحر بالعبد قصاصا؛ لأن التنصيص لا يدل على التخصيص، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة". ثم البكر إذ زنى بالثيب وجب الحكم الثابت بالحديث، فدل على أنه ليس في ذكر شكل بشكل تخصيص الحكم به.
فما نصت عليه الآية ليس إلا ذكر بعض ما شمله عموم قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} على موافقه حكمه، وذلك لا يوجب تخصيص ما بقي مما لم تنص عليه، ويدل على ذلك أنه قابل "الأنثى بالأثنى والذكر بالذكر"، ولا يمنع هذا من مقابلة الذكر بالأنثى في القصاص، وكذلك لا يمنع من مقابلة العبد بالحر حتى يقتل العبد بالحر بالإجماع، فكذا العكس إذ لو منع ذلك لمنع العكس أيضا.
أيضا فإن في مقابلة الأنثى بالأنثى دليلا على جريان القصاص بين الحرة والأمة.
وفائدة مقابلة "الحر بالحر والعبد بالعبد" في الآية ما نقل عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: كانت المقابلة بين بني النضير وبين بني قريظة، وكانت بنو النضير أشرف، وكانوا يعدون بني قريظة على النصف منهم، فتواضعوا على أن العبد من بني النضير بمقابلة الحر من بني قريظة، والأنثى منهم بمقابلة الذكر من بني قريظة، فأنزل الله هذه الآية ردا عليهم، وبيانا أن الحر بمقابلة الحر، والعبد بمقابلة العبد، والأنثى بمقابلة الأنثى من القبيلتين جميعا، فكانت اللام لتعريف العهد لا لتعريف الجنس.
أما السنة: فقد استدلوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "العمد قود"، فهو يدل على أن موجب القتل العمد القصاص، سواء كان القاتل حرا أم عبدا، ذكرا أم أنثى، مسلما أم غير مسلم.