التَّرْجِيح لابد لَهُ مِنْ مُرَجِّحٍ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَاجِبُ الْوُجُودِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى مُوجِدٍ، وَلَمْ يَجُزْ فِي صِفَةِ عَدَمٍ وَإِلَّا لَاحْتَاجَ مُوجِدُهُ إِلَى مُوجِدٍ، وَمُرَجِّحُ وُجُودِهِ عَلَى مَوْجُودٍ، وَهَكَذَا فَاقْتَضَى الْإِلْزَامُ الْعَقْلِيُّ وُجُوبَ وُجُودِ مُوجِدٍ وَاجِبِ الْوُجُودِ، وَهَذَا من حَيْثُ الْوُجُود فَقَط] (?)) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ) إِلَى قَوْلِهِ: (فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) صَرَّحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّ الْكَفَّارَ يُقِرُّونَ بِأَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا، هُوَ رَبُّهُمُ الرَّزَّاقُ الْمُدَبِّرُ لِلْأُمُورِ الْمُتَصَرِّفُ فِي مُلْكِهِ بِمَا يَشَاءُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اعْتِرَافِهِمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَمَعَ هَذَا أَشْرَكُوا بِهِ جَلَّ وَعَلَا.
وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مُقِرُّونَ بِرُبُوبِيَّتِهِ جَلَّ وَعَلَا. وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ لِإِشْرَاكِهِمْ مَعَهُ غَيْرَهُ فِي حُقُوقِهِ جَلَّ وَعَلَا كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) وَقَوْلِهِ: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) وَقَوْلِهِ: (قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) إِلَى قَوْلِهِ: (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ) ، وَالْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الِاعْتِرَافَ بِرُبُوبِيَّتِهِ جَلَّ وَعَلَا لَا يَكْفِي فِي