[قَوْله تَعَالَى: {ياعِبَادِىَ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيَّاىَ فَاعْبُدُونِ} . نَادَى اللَّه جلَّ وَعَلَا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَكَّدَ لَهُمْ أَنَّ أَرْضَهُ وَاسِعَةٌ، وَأَمْرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ الَّذِي هُوَ إِيَّايَ؛ كَمَا بيّناه فِي الْكَلَام على قَوْله تَعَالَى: {الدّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا فِي أَرْضٍ لَا يَقْدِرُونَ فِيهَا عَلَى إِقَامَةِ دِينِهِمْ، أَوْ يُصِيبُهُمْ فِيهَا أَذَى الْكُفَّارِ، فَإِنَّ أَرْضَ رَبِّهِمْ وَاسِعَةٌ فَلْيُهَاجِرُوا إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا يَقْدِرُونَ فِيهِ عَلَى إِقَامَةِ دِينِهِمْ، وَيَسْلَمُونَ فِيهِ مِنْ أَذَى الْكُفَّارِ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ.
وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخر؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَئِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الْأَرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ} ، وَقَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .] (?) .
وَقَالَ أَيْضا: [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: {وَنَجَّيْنَاهُ} عَائِدٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ: وَضُمِّنَ قَوْلُهُ {وَنَجَّيْنَاهُ} مَعْنَى أَخْرَجْنَاهُ بِنَجَاتِنَا إِلَى الْأَرْضِ، وَلِذَلِكَ تَعَدَّى «نجَّيناه» بِإِلَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ «إِلَى» مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ، أَيْ مُنْتَهِيًا إِلَى الْأَرْضِ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَلَا تَضْمِينَ فِي «ونجَّيناه» عَلَى هَذَا، وَالْأَرْضُ الَّتِي خرجا مِنْهَا: هِيَ