مسألة (650): قال الشافعي - رحمه الله - في القديم: "لو كان أحدهما قاعدًا على الطريق، أو نائمًا، فصدمه الآخر، فماتا، فدية النائم، والقاعد هدر، ودية الصادم على عاقلة النائم"، وهذا خلاف ما ذكر في الجديد في المسألة السابقة.
والفرق في القديم بين الصادم وبين النائم: أن الطريق مدرجة السابلة والمحتازين، وفيها مرافق الاجتياز والاستطراق، وليست للنوم والقعود، فإن النوم والقعود فيها مما يضيفها ويمنع الناس مقاصدها، فصارت الجناية على المهجتين جميعًا منسوبة إلى النائم والقاعد دون الماشي الصادم، وجعلنا النائم سبب العثرة التي حصل التلف منها.
فإن قال قائل: فهلا قلتم مثل ذلك في الواقف مع الصادم في المسألة السابقة، وما الفرق بين أن يقف في الطريق وبين أن يقعد/ (271/ أ) أو ينام عليها، وقد جعلتم قعوده ونومه جناية منه، ولم تجعلوا وقوفه جناية؟
قلنا: الفرق بينهما: أن الرجل إذا كان واقفًا في الطريق، فالماشي في الغالب يراه؛ لأنه ماثل له بين عينيه، الغالب من الماشي في الطريق أن لا ينظر إلى ما تحت قدميه، كما ينظر إلى الواقف بين يديه، فيصير القاعد بالقعود جانيًا ولا يصير الواقف بوقوفه جانيًا؛ فلذلك فصل الشافعي بين المسألتين.