وَاحِد من الْعلمَاء بشرٌ يسنى كَمَا ينسى الْبشر. وَقد يحفظ الرجل الحَدِيث وَلَا يحضرهُ ذكره حَتَّى يُفْتِي بِخِلَافِهِ، وَقد يعرض هَذَا فِي آي الْقُرْآن، أَلا ترى أَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَمر على الْمِنْبَر أَلا يُزَاد فِي مُهُور النِّسَاء على عدد ذكره، ميلًا إِلَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يزدْ على ذَلِك الْعدَد فِي مُهُور نِسَائِهِ، حَتَّى ذكرته امرأةٌ من جَانب الْمَسْجِد بقول الله تَعَالَى {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النِّسَاء] فَترك قَوْله وَقَالَ: كل أحدٍ أعلم مِنْك حَتَّى النِّسَاء. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: امرأةٌ أَصَابَت وَرجل أَخطَأ. علما مِنْهُ رَضِي الله عَنهُ بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَ لم يزدْ فِي مُهُور النِّسَاء على عددٍ مَا، فَإِنَّهُ لم يمْنَع مَا سواهُ، وَالْآيَة أَعم.
وَكَذَلِكَ أَمر رَضِي الله عَنهُ برجم امرأةٍ ولدت لسِتَّة أشهر، فَذكره عليٌّ رَضِي الله عَنهُ قَول الله تَعَالَى {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} [الْأَحْقَاف] مَعَ قَوْله تَعَالَى: {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} [الْبَقَرَة] فَرجع عَن الْأَمر برجمها.
وهم أَن يَسْطُو بعيينة بن حصن إِذْ جَفا عَلَيْهِ، حتي ذكره الْحر بن قيس بقول الله عز وَجل {وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} [الْأَعْرَاف] فَأمْسك عمر.
وَقَالَ رَضِي الله عَنهُ يَوْم مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يَمُوت حَتَّى يكون آخِرنَا، حَتَّى قُرِئت عَلَيْهِ {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} [الزمر] فَرجع عَن ذَلِك. وَقد كَانَ علم الْآيَة، وَلكنه نَسِيَهَا لعَظيم الْخطب الْوَارِد عَلَيْهِ فَهَذَا وجهٌ عمدته الْخلاف لِلْآيَةِ أَو للسّنة بنسيان لَا بِقصد. وَقد يذكر الْعَالم الْآيَة أَو السّنة، لَكِن يتَأَوَّل فِيهَا تَأْوِيلا من خُصُوص أَو نسخ أَو معنى مَا، وَإِن كَانَ ذَلِك يحْتَاج إِلَى دَلِيل.
وَلَا شكّ أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم كَانُوا بِالْمَدِينَةِ حوله عَلَيْهِ السَّلَام مُجْتَمعين، وَكَانُوا ذَوي معايش يطلبونها، وَفِي ضنكٍ من الْقُوت، وَمن متحرفٍ فِي الْأَسْوَاق، وَمن قَائِم على نخله، ويحضره عَلَيْهِ السَّلَام فِي كل وقتٍ مِنْهُم طَائِفَة إِذا وجدوا أدنى فراغٍ مِمَّا هم بسبيله. وَقد نَص على ذَلِك أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِن إخْوَانِي من الْمُهَاجِرين كَانَ يشغلهم الصفق بالأسواق، وَإِن