وفرضة سرنديب على الساحل وهي بلد منترى بتن والخراسانية يسمونه مَدْرَبَتان وهو اول حدود مملكة خولة وهذا لقب كل من ملكها ومستقر بلد بيجاور فوق هذا الحد نحو الشرق حد سِيَلان ثم بلكران وفيه معدن الياقوت الأصفر والكحلي وفوقه حدرونك وفيه جبل البرق وتحته معدن الياقوت الأحمر - يزعمون ان ذلك البرق يربيه وهذا ليس ببرق كالسحابي المنقدح من جوق الغيم بالريح المحتبس في جوفه إنما هو نار على ذلك الجبل دائمة الاتقاد وشديدة الخفق والاضطرام ولهذا شبهت بالبرق وبها تهتدي المراكب في البحر بالليل كما تهتدى بالنيران المشعلة وراء عبادان في خشبات كنكوان وفي منارة الاسكندرية وليس يرى من هذا البرق بالنهار إلا شبه الدخان - ويذكر المسعودى في كتاب المسالم والممالك جبل الراهون هناك وانه مهبط آدم عليه السلام وأظنه معرب رونك - وذكر بعضهم في تقوية أمر المهبط ان الحشائش التي هناك تسمو بعد نباتها قليلا ثم تنعطف نحو الأرض قليلا وتنعطف ثانية نحو العلو ثم تمر على سمته فتكون كأعناق الابل وان ذلك من اجل السجدة التي تعبد الملائكة لآدم ولا يعلمون ان المسجد غير المهبط وقال الكندى؟ ان موضع الياقوت في سحان من جزيرة خلف سرنديب وفيه جبل عظيم يسمى الراهون تحدر منه الرياح السافية السيول الاتية الياقوت وتلك الجزيرة ستون فرسخا في مثلها ويوشك إن يكون من اخبر بها عبر عن الحد بالجزيرة وعن الوراء بخلف لأن الساحل والجزيرة يشتركان بملاقاة الماء من جانب وجوانب ووراء وخلف وان كانا بمعنى واحد في جهات الإنسان فان الوراء يعبر به عن ابعد الشيئين عن مركز القابل وخلف في الجزائر يوقع على الجانب الذي فيه معظم البحر - وذكر نصر هذه الجزيرة إلا أنه سماها مندرى تبن وهذه البلدة كما ذكرنا على ساحل البحر لا جزيرة في البحر - وقالوا ان الشمس اذا أشرقت على اليواقيت رؤى كأنه برق يسمى برق الراهون وليس يسلك أليه لأنه في يد العدو - وهذا من أشباه الخرافات التي سأحكي بعضها عن الفرس - وهذا البرق يكون عند غيبوبة الشمس ويخفى عند شروقها - ويحكى في مثل هذه النار في جبال سواحل الزابج ترى في النهار سوداء وفي الليل حمراء وتظهر على مسيرة أيام ولها صواعق - وقال ان ما احدره السيل من اليواقيت يكون خيرا مما يوجد في التراب الحمأة وليس ذلك بمستنكر ويقاربه ما حاكاه أحد البحريين أن الريح ألجأتهم الى الجبل الأخضر الذي عن شرق جبل البرق فأدلوا الأناجر وارفوا باالمراكب وعلى ساحل ذاك المرسى شجر فاريقون وهو الساذج زعم وفي بعض هذا الاسم مشابه اليونانية وان كان اسمه فيها فوللن وهذا بالهندية كندبير قال - وان خدمهم خرجوا الى الشاطيء ووصفوا عند منصرفهم للناخدا وهو صاحب الناوه اى السفينة نزهة المكان فقصدوه وحمل معه ما يحمل الى المنتزه وألفى وسط الغيضة حوضا وعلى ضفته رجلا شيخا فاتحفه بشيء مما حمله معه من جوز ولوز وتمر وامثال ذلك فقام الشيخ الى مأواه وهو غير بعيد وعاد بدرج من خوص منسوج واخرج منه فصا ياقوتا احمر اكثر من وزن مثقال وألقاه أليه مكافأة على البر فوجه الرجل الى المركب من حمل اليه من الفواكه اضعاف ما كان حمل معه اولا مع تحف من ثياب وفوط وملح أتحف الشيخ بها فجاءه بقطعة أخرى وزنها ستة مثاقيل لكنها كانت رقيقة بسيطو جدا - فسأله الناخدا من اين لك هذا؟ فاخذ بيد التاجر وذهب به الى وادي رمل يابس واخبره ان سيول الامطار تأتي بذلك الا أنه لايتعرض لطلبه لاستغنائه عنه واشتغاله بالنسك والزهادة ثم وعده ان يتكلف ذلك من اجله ويحتمل منه شيئا كثيرا يوصله أليه عند منصرفه ولم يتفق له الالتقاء به - ويتخيل من ذلك ان مجرى الوادي من الجبال التي فيها معادن الياقوت - وكذلك ذكروا في اخبار الصين من كتاب المخزون بان انواع اليواقيت بألوانها ترتفع من سرنديب واكثر ما يظهر لهم في وقت المدوديد حرجه الماء عليهم من كهوف ومغارات ومسايل وان للملك عليها رصدا وحفظة - ولهذا قال بكير الشامي -

ما يهاب الحسام الا بحديه ... وتحسين غمده لايهاب

وقال ابو بكر الخوارزمي -

وانك منهم وكذاك ايضا ... من الماء الفرائد واللآلي

وتسكن دارهم وكذاك سكنى ... الجواهر والزبرجد في الجبال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015