أَرَدْتُ لِكَيْمَا يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهَا ... سَرَاوِيلُ قَيْسٍ وَالْوُفُودُ شُهُودُ
وَأَلا يَقُولُوا غَابَ قيسٌ وَهَذِهِ ... سَرَاوِيلُ عاديٍّ نَمَتْهُ ثَمُودُ
وَإِنِّي مِنَ الْقَوْم اليمانينَ سيد ... وَمَا النَّاس إِلَّا سيد ومسود
وفضَّلني فِي الناسِ أُصَلِّي ووالدي ... وباعٌ بِهِ أعلو الرِّجَال مديد
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بْن دُرَيد قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِم عَنْ أبي عُبَيْدة قَالَ: وَفد عُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد بن ظبْيَان من بني عَابس بن مَالك على عتاب بن وَرْقَاء التَّيْمِيّ فأعطاهُ عشْرين ألفا، فلمّا أَرَادَ توديعه قَالَ لَهُ: وَالله مَا أحسنتَ فأمدحكَ وَلَا أسأتَ فأهجوكَ، وَإنَّك لأقربُ الْبعدَاء وأحبُّ الْبغضَاء.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ، حَدَّثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدُ قَالَ، حَدَّثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ قَالَ، حَدَّثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَنْصُورُ قَالَ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْحِجَازَ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُوكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالاتِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُوكَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْطَقَكَ يَا مُعَاوِيَةُ بالحقِّ، وعرَّفك حَقَّنَا وَفَضْلَنَا، وَأَنَّا أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: فَكَيْفَ رَأَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ حَرَمَكُمْ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي عرَّضتم لَهُ أَكْتَافَكُمْ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُوكَ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ عَزَائِمِ قُدْرَةِ اللَّهِ مَا يَذُودُنَا عَنِ الدُّنْيَا وَمَوَارِدِ الْهَلَكَةِ أَنَّ قَالَ: " قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خيرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلَا تظْلمُونَ فتيلاً " " النِّسَاء:77 "؛ فو الله يَا مُعَاوِيَةُ لَوْلا طَاعَةُ اللَّهِ لَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَغْرِفَ بِدَلَوِكَ فِي طَوِيٍّ شدَّ عَلَيْهِ هاشمٌ رِشَاءً؛ فَتَضَاحَكَ مُعَاوِيَةُ وَقَالَ: أُمَازِحُكَ فَلا تَحْلُمُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُوكَ: عَمَّنْ أَحْلُمُ؟ عَمَّنْ يَرَى أَنَّ لَهُ الْفَضْلَ؟! ثمَّ نفض ثَوْبه ايخرج فَجَذَبَهُ مُعَاوِيَةُ وَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عِنْدِي ثَوْبٌ مِنْ عَصْبِ الْيمن وثوبان من نسج الْعَجَمِ فَأَهْدِيهِمَا إِلَيْكَ. فَلَبِسَهُمَا أَبُوكَ وَغَدَا عَلَيْهِ فِيهِمَا فَقَالَ الشَّاعِرُ: فِي ذَلِكَ
إِنَّ الثِّيَابَ بِآلِ هَاشِمَ زِينَةٌ ... تَزْهُو وَيَضْعُفُ حُسْنُهَا فِي الْمَشْهَدِ
وَبَنُو أُمَيَّةَ فِي الثِّيَابِ تَرَاهُمُ ... شِبْهَ الْقُرُودِ أَذِلَّةً فِي الْمَحْتِدِ
قَالَ القَاضِي: لَمْ يصرف هَذَا الشَّاعِر " هاشمًا " فِي شعره، أَرَادَ الْقَبِيلَة، وَلَو أَرَادَ الحيّ أَو اسْم الْأَب لصرفه، وَإِن لَمْ يصرف مَعَ هَذِه النِّيَّة لَمْ يُصِبْ - فِي قَول الْخَلِيل وسيبويه