يقْضِي الدُّيُون وَلَيْسَ يُنْجِزُ عَاجلا ... هَذَا الغريمُ لنا وَلَيْسَ بمعسر
فَقَالَ: لله دره، وَالله مَا قَالَ أحدٌ إِلَّا دون قَوْله، وَلَقَد ترك لنا مِثَالا يُحْذَى عَلَيْهِ، أما أصدقنا فِي شعره فجميل، وأمّا أوصفنا لربّاتِ الحجال فكثيّر، وَأما كذبنَا إِذا قَالَ الشّعْر فعمر، وأمّا أَنا فَأَقُول مَا أعرف.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو بَكْرٍ النَّاقِدُ بسرَّ مَنْ رَأَى سَنَةَ ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة قَالَ، حَدَّثَنَا العنبريّ قَالَ، حَدَّثَنَا قَاسم بن مُحَمَّد بن عباد قَالَ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنِي الشَّرْقِي بن الْقطَامِي قَالَ: كَانَ سَمُرَةُ بن الجَعْدِ من قَعَد الْأزَارِقَة، غير أَنَّهُ لَمْ يكن يُعْرَفُ بذلك، وَكَانَ قد وَقعت لَهُ من الْحجَّاج منزلةٌ حَتَّى كَانَ يُدْخِلُهُ فِي سَمَرهِ، فَلَمَّا سَار قطريّ بن الْفُجَاءَة إِلَى جِيرفتَ كتب إِلَى سَمُرَة بن الْجَعْد يعيّره مقَامه عَنْهُم وركونه إِلَى الدُّنْيَا، وَكَانَ فِي كِتَابه إِلَيْهِ:
لشتَّان مَا بَين ابْن جعدٍ وبيننا ... إِذا نحنُ رُحْنا فِي الْحَدِيد المظاهرِ
نجالِدُ فرسانَ المهلَّب كلُّنا ... صبورٌ على وقعِ السيوف البواترِ
وراحَ يجرُّ الخزَّ نحوَ أميره ... أميرٍ بتقوى ربِّه غير آمُر
أَبَا الْجَعْد أَيْن الْحلم والعلمُ والتقى ... وميراثُ آباءٍ كرامِ العناصر
ألم ترَ أَن الْمَوْت لابدَّ نازلٌ ... وَلَا بدَّ من بَعْثِ الأُلى فِي المقابرِ
حُفَاة عُرَاة والثوابُ لديهمُ ... فَمن بَين ذِي ربحٍ وَآخر خاسر
فَسِر نحونا إنَّ الْجِهَاد غنيمةٌ ... تُفِدْكَ ابتياعًا رابحًا غير بائر
فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابه لحق بِهم وَكتب إِلَى الْحجَّاج:
فَمن مُبلغُ الْحجَّاج أنَّ سميرةً ... قلى كلَّ دينٍ غيرِ دين الْخَوَارِج
قَالَ القَاضِي: يَجوز " كلَّ دين غير " خفضًا ونصبًا، الْخَفْض على الصّفة لدينٍ والنصبُ على الصّفة لكل وعَلى الِاسْتِثْنَاء.
رأى النَّاس إِلَّا من رأى مثلَ رَأْيهمْ ... ملاعينَ ترَّاكين قصد المخارج
فإنّي امرؤأي يَا ابنَ يوسفٍ ... ظفرتَ بِهِ لَو نلتَ علم الولائج
إِذا لرأيتَ الحقَّ مِنْهُ مُخالفًا ... لرأيك إِذْ كنتَ امْرَءًا غير فالج
فَأَقْبَلت نحوَ الله بِاللَّه واثقًا ... وَمَا كُرْبَتي غير الْإِلَه بفارج
إِلَى قطريٍّ فِي الشراةِ معارجًا ... ولستُ إِلَى غير الشّراةِ بعارجِ