الشَّيْطَان، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى منزله، فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الْمُقبلَة قَامَ الْهَمدَانِي فِي سَاعَته الَّتِي كَانَ ينَام فِيهَا وَقد قوي بعض الْقُوَّة مِمَّا سمع من الرّبيع، فَإِذا هُوَ قد أَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامه بِيَدِهِ ساجور كلبٍ أسود، فِي وَجه الْكَلْب ثَلَاث جراحاتٍ، قَالَ لَهُ: أَتَدْرِي من أَنا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَل تَدْرِي من هَذَا الْكَلْب؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذَا الشَّيْطَان الَّذِي دخل بَيْنك وَبَين أَخِيك الرّبيع بْن خثيم، وَقد وكلت بكما وَبِهَذَا إِلَى أَن تموتا لَا ينفلت من هَذَا الساجور، تَدْرِي مَا هَذِه الْجِرَاحَات الَّتِي بِوَجْه الْكَلْب؟ قَالَ: لَا، قَالَ هِيَ بزقات الرّبيع بْن خثيم عَن يسَاره، قَالَ: فانتبه الْهَمدَانِي، فَلَمَّا أصبح غَدا على الرّبيع فَأخْبرهُ بِمَا رأى فَحَمدَ الله وَقَالَ: قد أَخْبَرتك أَنه من عمل الشَّيْطَان.
قَالَ القَاضِي رَحمَه الله: قَوْله فمغثه مغثًا شَدِيدا أَي ناله بمكروه من الجذب والمعصر وَمَا أشبهه، وَيُقَال بَين الْقَوْم مغث إِذا كَانَ بَينهم شَرّ ومكروه من الْأَمر، قَالَ حسان بْن ثَابت فِي صفة الْخمر:
نوليها الْمَلَامَة إِن ألمت ... إِذا مَا كَانَ مَغْثٌ أَوْ لِحاءُ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعُتْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ السَّدُوسِيِّ: إِن لَتُحِبُّ عَلِيًّا حُبًّا مُفْرِطًا، قَالَ: أُحِبُّهُ وَاللَّهِ لِحِلْمِهِ إِذَا غَضِبَ، وَعَدْلِهِ إِذَا حَكَمَ، وَوَفَائِهِ إِذَا وَعَدَ.
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ: هَكَذَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَلَقَدْ فَازَ مَنْ أَحَبَّهُ وَاهْتَدَى مَنِ اقْتَدَى بِهِ وَسَلَكَ سَبِيلَهُ.
حَدثنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ قَالَ حَدَّثَنِي أبي قَالَ أَخْبرنِي أَحْمَد بْن الْحَارِث قَالَ قَالَ الْمَدَائِنِي: دخل يزِيد بْن أَبِي مسلمٍ كَاتب الْحجَّاج على سُلَيْمَان بْن عبد الْملك، وَكَانَ مصفرًا، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان: على رجل أجرك رسنك وسلطك على الْمُسلمين لعنة الله، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، رَأَيْتنِي وَالْأَمر عني مُدبر وَلَو رَأَيْتنِي وَالْأَمر عَليّ مقبل لَا ستعظمت مني مَا استصغرت الْيَوْم، قَالَ: فَأَيْنَ الْحجَّاج؟ قَالَ: يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة بَين أَبِيك وأخيك فاجعله حَيْثُ شِئْت.
حَدثنَا أَبُو النَّضر الْعقيلِيّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن بنان قَالَ قَالَ أَبُو الْعَبَّاس انب الْفُرَات حَدَّثَنِي دِينَار بْن يزِيد بْن عَبد اللَّه قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَن يحيى بْن خاقَان قَالَ: كنت كَاتب