وأمّا قَوْله: أبترد فَهُوَ افتعلُ من قَوْلهم: بَرّدَ الماءُ حرارةَ جوفي، قَالَ الشَّاعِر:
ةعطل قَلْوصِي فِي الرِّكابِ فإنَّها ... سَتَبْرُدُ أكْبَادًا وتُبْكِي بواكيا
وَرُوِيَ لنا قَوْله فِي الشّعْر الثَّانِي: وأبثثتُها وَجْدي مَكَان سِرِّي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمبرد، قَالَ: حَرَّم مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْقِيَان، وَكتب إِلَيْهِ أَحْمَد بْن عَبْد السَّلام الْخُزَاعيّ رقْعَة وَلَم يُترجمها ودَسَّها فِي رقاع المتظلمين، فِيهَا:
عَرَفَاتُ الْأَمِير أيَّده الل ... هـ بطول التَّوْفِيق والتَّسْديدِ
فرقت بَيْننَا وبَيْنَ مُدِلٍّ ... وعجابٍ ومنصفٍ وفريد
كم قُلُوب قَدْ أحرقت فِي صُدورٍ ... ودموعٍ قَدْ أُقْرِحَتْ من خُدودِ
فَوَقع مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن طَاهِر فِي رقعته:
حُسْنُ رَأْي الْأَمِير فِي الْعُشَّاق ... وفَّر الْحُبَّ بامتناعِ التلاق
خَافَ أَن تُحْدِثَ المَلالُ سُلوًا ... فتلافي الهَوَى بِبَعْض الْفِرَاق
وأغضُّ اللقاءِ مَا كَانَ مِنْهُ ... من تناءٍ وبَعْدَ طوُل اشتياق
شجرٌ غَرْسُهُ كريهٌ ولكنْ ... يُجْتَنَى غِبُّهُ لذيذَ المذاق
قَالَ القَاضِي: قَدْ قَالَ النّاس فِي تضاعيف الالتذاذ بالتلاقي بعد الْفِرَاق، وَفِي تسهيل الْفِرَاق، واستحبابه لوفور الِاسْتِمْتَاع بالأوبة والاتفاق، فَأَكْثرُوا، وَإِن كَانَ أَكْثَرهم يعلِّلُ نَفسه ويُرضيها بِمَا لَو خُلِّيَ وَمَا يختاره لَمْ يرضه لَهَا، لَمْ نَبْن كتَابنَا هَذَا عَلَى استقصاء أَنْوَاعه، وَاسْتِيفَاء الْأَبْوَاب فِيهِ، فنجمع ذَلِكَ ونستوعبه، وَهُوَ يَأْتِي فِي هَذِهِ الْمجَالِس مُتَفَرقًا بِحَسب مَا يحضرنا، وَيخرج لنا، وَبِاللَّهِ توفيقنا، وبمشيئته وَحسن مَعْرفَته نرجو أَن تَجْري مقاصدنا ومتصرفاتنا.
حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الأَزْدِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أبي الدُّنْيَا، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، قَالَ: حَدَّثَنِي بعض أَصْحَابنَا، قَالَ: لما هُدّمَتْ مَأْرِبُ سَبَأ أُصِيب فِي ركن من أَرْكَانهَا:
ستأتي سنونُ هِيَ المعضلا ... ت تُرَجعُ مل الهَجْعةِ الأَجْدَل
وفيهَا يُهينُ الصَّغيرُ الكبيرَ ... وذُو الْحلم يُسْكِتُه الأجهل
ترى الشَّيْخ يُلْقِي الْعَصَا طَائِعا ... وَيَمْشي عَلَيْهَا الْفَتى الأَرْجَلُ
وَفِي الرُّكْن الثَّانِي: