حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عليّ الْعَدوي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن عليّ بْن رَاشد، قَالَ: قيل لِشَرِيك بْن عَبْد اللَّه: قَدْ تقلد الْقَضَاء نوح بْن دَرّاج، قَالَ: ذهبت العَرَبُ الَّذِينَ كَانُوا إِذَا غضبوا كَفَرُوا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن الصَّواف، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الصَّلْت الْحمانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْر بْن عليّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِد بْن الْحَارِث، عَنْ أَبِيه، قَالَ: قَالَ الفرزدق بْن غَالب: خرجت من الْبَصْرَة أُرِيد الْعمرَة، فَرَأَيْت عسكرًا فِي الْبَريَّة، فَقلت: عَسْكَر من هَذَا؟ قَالُوا: عَسْكَر الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: فَقلت: لأقضينّ حق رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، فَأَتَيْته فسلّمت، فَقَالَ: من الرَّجُل؟ فَقلت: الفرزدق بْن غَالب، فَقَالَ: هَذَا نسب قصير، فَقلت: أَنْت أقصر مني نسبا، أَنْت ابْن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لي: أَبُو من؟ فَقلت: أَبُو فراس، قَالَ: يَا أَبَا فراس كَيْفَ خَلّفْتَ النّاس وَمن أَيْنَ والى أَيْنَ؟ قَالَ: قلت: من الْبَصْرَة أُرِيد الْعُمْرة، وَمَا سَأَلت عَنْهُ من أَمر النّاس فقلوبهم مَعَك وَسُيُوفهمْ مَعَ بني أُميَّة وَالْقَضَاء ينزل من السَّمَاء قَالَ: فاغرورقت عَيناهُ، وَقَالَ: هَكَذَا النّاس فِي كلِّ زمَان، أَتبَاع لذِي الدِّينَار وَالدِّرْهَم، وَالدّين لَغو عَلَى ألسنتهم فَإِذا فُحصوا بالابتلاء قَلَّ الدَّيّانون.
قَالَ القَاضِي: معنى مَا ذَكَرَ من قصر النّسَب فِي هَذَا الْخَبَر، أنَّ النبيه الَّذِي بِغَيْر نَظِير لَهُ يُشَارِكهُ فِي نسبه وَمَا يعرف بِهِ فَلا يحْتَاج إِلَى زِيَادَة فِي انتسابه وإطالته، وَهُوَ مستغن بقصير مَا يعرف بِهِ عَنْ كَثِيره، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
أحبُّ من النِّسوانِ كُلِّ قصيرةٍ ... لَهَا نَسَبٌ فِي الْعَالمين قَصِيرُ
وَمن هَذَا النّسَب نسب الرُّسُل والأنبياء والملوك وَالْخُلَفَاء، وَقد قَالَ النسابة الْبكْرِيّ لرؤبة بْن العجاج لمّا انتسب لَهُ: مَه قَصّرْت وعَرَّفت.
وَحكى لي بَعْض أَصْحَابنَا، أَنَّهُ وجد بِخَط صاحبنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن جُمْهُور: سألتُ أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن جرير بْن يزِيد الطَّبَريّ أَن يزيدني فِي نسبه، فَقَالَ متمثلا قَول رؤبة:
قَدْ يرفعُ العجّاجُ بَيْتا فادْعُني ... بِاسْمٍ إِذَا الأنسابُ طالَتْ يَكْفِني
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَمَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: ابْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ يَكُنْ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ يَكُنِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَاجَتِهِ ".
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر مَا يرغب فِي قَضَاء حاجات الإخوان، إِذْ سَعْيهمْ فِيهَا يعود