عَلَى أَهله بِالْفَضْلِ، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! فَلم تجرِّئ هَذَا وضرباؤه على أهل بَيْتك؟ يسْعَى بهم عنْدك، وَالله مَا يسْعَى بِنَا إِلَيْك نصيحة مِنْهُ لَك، وَإنَّهُ ليَأْتِينَا فيسعى بك عندنَا من غَيْر نصيحة مِنْهُ لَنَا، يُرِيد أَن يباعد بَيْننَا ويشتفي من بَعْض بِبَعْض، وَوَاللَّه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه للخائن بْن الخائن، يسْقط بَيْنَ اللحاء والقضيب، يُرِيد أَن يُوهنهما جَمِيعًا حَسَدًا وبَغْيًا وَغِلا، ثُمَّ الْتفت إِلَى الزبيرِي متمثلا بقول الشَّاعِر:
وَقد يُسَوِّدُ عصرُ السُّوء مثلَكُم ... وَقد يعودُ رءوسُ النّاس أذنابا
وَقد قَالَ بَعْض أهلك:
أَلَيْسَ من إِلْقَاء الزَّمَان عَلَى استه ... وقوفُ
إِذَا مَا رَآهُمْ كَانَ هَمْزًا ولامزًا ... لأعراضهم مَيْنا وبغيًا لحازمِ
قَوْله: يقتّ معناهُ ينمُّ، وَقَالَ: لَا يدخلُ الجنةَ قتّات، وروى عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لعن القَتّات يَعْنِي النمام.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القَاسِم الكوكبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْفضل أَحْمَد بْن أبي طَاهِر، قَالَ: مدحتُ الْحَسَن بْن مخلد فَأرْسل إليَّ أَنِّي قَدْ أمرت لَك بِمِائَة دِينَار، فَالْحق رَجَاء، فلقيتُ رَجَاء فَقَالَ: لَمْ يَأْمُرنِي بِشَيْء، فَكتبت إِلَيْهِ:
أما رجاءُ فأرْجَى مَا أمرتَ بِهِ ... وَكَيف إِن كنتَ لَمْ تَأمُره يأتمر
بَادر بجودك إمّا كنتَ مقتدرًا ... فَلَيْسَ فِي كلّ حالٍ أَنْت مُقْتَدِرُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، أَبُو عُمَرَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيُنْصِتْ ".
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَالأَخْبَارُ مُتَظَاهِرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليم الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ". وَفِي بَعْض الرِّوَايَات: أَوْ لِيَسْكُت. ولمّا أملّ عَلَيْنَا أَبو عُمَر هَذَا الْخَبَر عَلَى من يَلِيهِ كالمبتسم وَإِلَى جنبه أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوريّ كالمتعجب المستغرب لهَذِهِ اللَّفْظَة، وَمعنى هَذِهِ الْأَلْفَاظ تتفق.
ونحوٌ مِنْهُ مَا ورد الْخَبَر بِهِ من قَوْله: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَكَلَّمَ فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ.
وَفِي الْكَلَام ممّا هُوَ خَيّر وَصدق وَعدل، وَحقّ الْأجر والفائدة، وَالْغنيمَة الْبَارِدَة، وَفِي