75 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُعَاذُ رَجُلًا سَمْحًا شَابًّا جَمِيلًا مِنْ أَفْضَلِ شَبَابِ قَوْمِهِ، وَكَانَ لَا يُمْسِكُ، فَلَمْ يَزَلْ يَدَّانُ حَتَّى أَغْلَقَ مَالَهُ كُلَّهُ مِنَ الدَّيْنِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ غُرَمَاءَهُ أَنْ يَضَعُوا لَهُ، فَلَوْ تَرَكُوا لِأَحَدٍ مِنْ أَجْلِ أَحَدٍ لَتَرَكُوا لِمُعَاذٍ مِنْ -[158]- أَجْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَبَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي دَيْنِهِ، حَتَّى قَامَ مُعَاذُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَامُ فَتْحِ مَكَّةَ، بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَمِيرًا لِيَجْبُرَهُ» ، فَمَكَثَ مُعَاذٌ بِالْيَمَنِ أَمِيرًا، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تُجِرَ فِي مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ، فَمَكَثَ حَتَّى أَصَابَ، وَحَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: أَرْسَلَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَدَعْ لَهُ مَا يُعَيِّشُهُ وَخُذْ سَائِرَهُ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «إِنَّمَا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَجْبُرَهُ» ، وَلَسْتُ بِآخِذٍ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُعْطِيَنِي، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَيْهِ إِذْ لَمْ يُعْطِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَ عُمَرُ ذَلِكَ لِمُعَاذٍ، فَقَالَ مُعَاذُ: «إِنَّمَا أَرْسَلَنِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَجْبُرَنِي» ، وَلَسْتُ بِفَاعِلٍ، ثُمَّ لَقِيَ مُعَاذٌ عُمَرَ، فَقَالَ: قَدْ أَطَعْتُكَ وَأَنَا فَاعِلٌ مَا أَمَرْتَنِي، إِنِّي رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ أَنِّي فِي حَوْمَةِ مَاءٍ قَدْ خَشِيتُ الْغَرَقَ، فَخَلَّصْتَنِي مِنْهُ يَا عُمَرُ، فَأَتَى مُعَاذٌ أَبَا بَكْرٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَكْتُمُهُ شَيْئًا حَتَّى يَبِينَ لَهُ سَوْطُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا آخُذُهُ مِنْكَ قَدْ وَهَبْتُهُ لَكَ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا حِينَ طَابَ وَحَلَّ -[159]-، فَخَرَجَ مُعَاذٌ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الشَّامِ