وأما احتمال في مقابلة حقيقة ثابتة، وأمر واضح، فلا يقال له احتمال، وإنما هو تلاعب وهوس خيال، يقول أئمة الجرح والتعديل في كتبهم عن رَاوٍ - مِمَّنْ خَرَّجَ له الشيخان أو أحدهما -: إِنَّهُ شِيعِيٌّ، أَوْ خَارِجِيٌّ، أَوْ قَدَرِيٌّ، أَوْ مُرْجِئٌ، ثم يأتي من يريد أن ينقض هذا بالاحتمال، وهو لم يضرب في هذا الفن بسهم، ولا يمكن أن يُرْجَعَ إليه في رأي ولا علم، كيف لا وقد اجتمعوا على الرجوع إلى أئمة الفن في هذا الباب، لأنه أمر لم يبق فيه مجال ولا نظر ولا احتمال، وهذا من البديهيات الغنية عن الحُجَّةِ والبرهان.
وأما زعم أن قول البخاري في " جزء رفع اليدين ": «كَانَ زَائِدَةُ (?) لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ أَهْلَ السُنَّةِ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ» يخالف ما استنبطناه - فعجيب جِدًّا لأنه لا شاهد فيه، ولا يناسب بحثنا حتى يخالفه، لأن زائدة - رَحِمَهُ اللهُ - كان يمتنع عن تحديث غير أَهْلِ السُنَّةِ، أي إسماعهم الحديث وإقرائهم إياه - وذلك في التلاميذ منهم والمبتدئين في طلب الحديث الذين يبغون التلقي والسماع، وقد انْتَمُوا إلى غير مذهب أَهْلِ السُنَّةِ، فكان زائدة يتجافى تحديثهم اقتداء بمن رآه من سلفه كذلك، ولا منازعة في الوجدانيات ولا يكلف المرء ما لا يطيقه، فمن كانت نفسه