مَذْهَبٌ حُجَّةً عَلَى مَذْهَبٍ، وَلاَ عُرْفٌ بُرْهَانًا عَلَى عُرْفٍ، وإنما الحُجَّةُ والبرهان قواطع الكِتَابِ وَالسُنَّةِ. ولما كان البحث المذكور في غاية من الدقة، ترى الكلام في مطولات الأصول مضطربًا متشعب الأقوال، حتى اختلفوا لذلك في ماهية العدالة، ويقرب لمذهب المُحَدِّثِينَ فيها قول بعض أهل العراق: «العدالة عبارة عن إظهار الإسلام فقط - مع سلامته عن فسق ظاهر». اهـ.
رُبَّ قَائِلٍ يقول: كيف لا يفسق هؤلاء وقد خالفوا بتأويلهم النصوص من الكِتَابِ وَالسُنَّةِ؟
فنقول: قَدَّمْنَا ما يمنع تسميتهم فَسَقَةً شَرْعًا وَلُغَةً، ولذا جاء في " مُسَلَّم الثبوت " من كتب الأصول، ما مثاله: «لك أن تمنع كون المتدين من أهل القبلة فاسقًا بالعرف المتقدم الذي عليه القرآن الكريم، وهو شموله للكافر والمؤمن المرتكب الكبيرة». اهـ. وقال حُجَّة الإسلام الغزالي في " الإحياء ": «مهما اعترضت على القدري في قوله: الشَرُّ مِنَ اللهِ، وكذلك في قولك: إِنَّ اللهَ يُرَى، وفي سائر المسائل، إذ المبتدع محق عند نفسه، والمحق