- بداية الوحي:
قال أكثر المفسرين: هذه السورة أول سورة نزلت من القرآن الكريم، وأول ما نزل خمس آيات من أولها، إلى قوله (ما لَمْ يَعْلَمْ) . عن عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) من الوحي الرؤيا الصالحة: (وفي مسلم) الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، يتحنث فيه (وهو التعبد الليالي ذوات العدد) قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتى جاءه الوحي.
وفي رواية: فجأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. قال:
ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) . فرجع بها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لخديجة: أي خديجة مالي؟ وأخبرها الخبر، قال: خشيت على نفسي.
قالت له خديجة: كلا، أبشر، فو الله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة، حتى أتت به ورقة بن نوفل، وهو ابن عم خديجة، وكان امرأ تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) خبره، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا إذ