المسألة الخامسة:
القرآن فيه مجاز كما فيه حقيقة عند الجمهور واستدلوا بدليلين هما:
الأول: أن القرآن وصف بأنه عربي نزل بلغة العرب، ولغة العرب يدخلها المجاز بدليل: وقوعه فيها، فاستعمل العرب لفظ: " الأسد " للرجل الشجاع، ولفظ: " الحمار " للرجل البليد، وقولهم: " قامت الحرب على ساق "، وقول الشاعر:
أشاب الصغير وأفنى الكبير. . . كرُّ الغداة ومرُّ العشي
وهذا لا شك أنه مجاز، فيكون القرآن - على هذا - قد اشتمل على المجاز؛ لأنه نزل بلغتهم.
والثاني: وقوع المجاز في القرآن: بحيث يذكر الشيء
بخلاف ما وضع له: وهو إما نقصان كقوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) أو استعارة كقوله تعالى: (وَاخفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ)، وقوله: (جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ).
* * *
المسألة السادسة:
القرآن يشتمل على ألفاظ أصولها غير عربية، كقوله تعالى: (نَاشِئَةَ اللَّيْلِ) و (مشكاة) و (إستبرق)، لكن العرب عرَّبتها بكثرة الاستعمال، وحوَّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فهي عربية بهذا الوجه؛ حيث إن كثرة اختلاط العرب بالعجم جعل العرب يأخذوا عن العجم بعض ألفاظهم، وغيَّرت بعضها بالنقص من حروفها، وخففت ثقل العجمة، واستعملتها في شعرها ونثرها حتى جرت مجرى اللغة