وذلك من أجل أن يتصور هذا الفعل المأمور به، إذ لا يعقل أن يكلف بشيء مجهول، فيجب أن يعلم طريقة الصلاة وشروطها، وأركانها وواجباتها ونحو ذلك مما يتعلق بها، فلو لم يعلم ذلك لم يصح منه الفعل.
الشرط الثاني: أن يعلم المكلف أن هذا الفعل مأمور به من قِبل الله تعالى؛ لأنه إذا علم ذلك تُصوِّر منه قصد الطاعة والامتثال بفعله؛ أما إذا لم يعلم ذلك فلا يكفي مجرد حصول الفعل منه من غير قصد ولا نية لامتثال أمر الله تعالى، لقوله عليه السلام: " لا عمل إلا بنية ".
الشرط الثالث: أن يكون حاصلاً بكسب المكلف، فلا يصح تكليف المسلم بكسب غيره؛ لقوله تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وقوله: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)).
الشرط الرابع: أن يكون الفعل الذي طلب من المكلف فعله معدوماً، أي: لم يوجد، فيؤمر المسلم بصلاة الظهر - مثلاً - قبل الزوال، فهنا أمر بها قبل وجودها، ويؤمر الإنسان بخياطة ثوب معدوم.
وقلنا ذلك؛ لأن إيجاد الشيء الموجود تحصيل حاصل لا يرد به الشرع، ولأنه لا يحسن عقلاً أن يؤمر من هو قائم بالقيام، ومن هو يكتب بالكتابة.