وبناء على ذلك: فإنه إذا ادعى رجلان شيئاً وهو في يد أحدهما، وأقام كل واحد منهما بينة، فإنا نقدم بينة ذي اليد على بينة الآخر؛ لأنهما استويا في إقامة البينة، وترجَّحت بينة ذي اليد، لكون الشيء المتنازع عليه معه.
* * *
المسألة الثامنة:
طرق الترجيح بين منقولين.
الطريق الأول: يرجح الخبر الذي كان راويه قريباً من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأن الراوي القريب أوعى للحديث من البعيد، وأكثر سماعاً له منه، فيكون القريب أبعد عن احتمال الخطأ.
الطريق الثاني: يرجح الخبر الذي كان راويه كبير السن؛ لأن الغالب أن كبير السن يكون أقرب الناس مجلساً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: " ليليني أولوا الأحلام والنهي، ثم الذين يلونهم ".
ولأن الغالب في الكبار أنهم يحترزون عن الكذب.
الطريق الثالث: يرجح الخبر الذي كان راويه متأخراً عن الإسلام؛ لأن تأخره في الإسلام يدل على تأخره في روايته، فهو يحفظ آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الطريق الرابع: يرجح الخبر الذي كان راويه كثير الصحبة، لأن كثير المصاحبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم برواية الحديث وأحفظ لها، وأكثر استيعاباً لأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله، وأعلم بمقاصده.