ولقوله تعالى: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)، حيث إن الله قد بين أن المصيب واحد.
وبناء على ذلك: فإن من صلَّى خلف من توضأ وهو تارك للنية، أو الترتيب، أو أي شيء مما اختلف فيه فإنه تجب الإعادة على من يرى وجوب النية في الوضوء أو الترتيب.
* * *
المسألة العاشرة:
إذا تعارض عند المجتهد دليلان وعجز عن الترجيح: فإن عليه أن يتوقف إلى أن يعلم أن أحدهما أرجح من الآخر بأي أمارة، فإن لم يعلم: فإنه يسقطهما، ويعمل بالبراءة الأصلية، ولا يجوز التخيير بينهما، ولا العمل بأحدهما؛ لأن تخيير المجتهد في الأخذ بأحد الدليلين المتعارضين عنده يؤدي إلى باطل، وما يؤدي إلى باطل فهو باطل؛ لأنه يلزم من التخيير الجمع بين النقيضين؛ حيث إنه لو تعارض دليل مبيح مع دليل محرم، فخيَّرنا المجتهد بين كونه محرماً يأثم بفعله، وبين كونه مباحاً لا إثم على فعله: كان ذلك جمعاً بين هذين المتناقضين وهو باطل كما قلنا.
وبناء على ذلك: فإنه يجوز الاستدلال بالبراءة الأصلية على حكم حادثة قد ورد فيها دليلان متعارضان.