الإعتاق مطبقاً بذلك حديث الأعرابي، ولكن جاء الفقيه: يحيى بن يحيى الليثي المالكي فأفتى بأن عليه صوم ستين يوماً كفارة له، وعلل ذلك بأن الكفارة قد وضعت للزجر والردع، فلو أوجبنا عليه العتق لسهل عليه الجماع في نهار رمضان مرة بعد الأخرى؛ نظراً لكثرة ماله، لذلك نوجب عليه الصيام زجراً له، وظن هذا الفقيه أن في ذلك مصلحة، ولكن هذه المصلحة ملغاة؛ لأنها معارضة للنص الشرعي، وهو: حديث الأعرابي.
القسم الثالث: المصالح المرسلة، وهي: المطلقة التي لم يقيدها الشارع باعتبار، ولا بإلغاء، وهذا القسم هو المراد بالمصلحة المرسلة.
* * *
المسألة الرابعة:
المصلحة المعتبرة حجة بالاتفاق، والمصالح الملغاة ليست بحجة بالاتفاق.
أما المصالح المرسلة فهي حجة بشروط هي كما يلي:
الشرط الأول: أن تكون المصلحة المرسلة ضرورية، وهو ما يكون من الضروريات الخمس التي يجزم بحصول المنفعة منها.
الشرط الثاني: أن تكون المصلحة عامة كلية؛ لتعم الفائدة جميع المسلمين.
الشرط الثالث: أن تلاءم تلك المصلحة مقاصد الشرع في الجملة فلا تكون غريبة.
الشرط الرابع: أن تكون المصلحة قطعية، أو يغلب على الظن وجودها ولم يختلف في ذلك.