المكلف عدم البقاء إلى آخر الوقت، فيجب - حينئذ - أن يفعل
ذلك الواجب قبل ذلك الوقت الذي غلب على ظنه عدم البقاء
إليه، وقلنا ذلك لأنه لا يمكن أن يؤخَّر الفعل مطلقاً، لأنه يلزم
منه: أن لا يكون واجباً، فلا بد من تأخير الفعل إلى زمن معين
لا يجوز التأخير عنه، ولا يمكن ذلك إلا إذا عين هذا الزمن
بعلامة أو أمارة، ولا يوجد معيِّن لذلك سوى أن يغلب على ظنه
عدم البقاء إلى آخر الوقت، وعلى ذلك فإن المكلف يعصي في
هذا بمجرد التأخير عن وقت يظن عدم بقاءه بعده.
تنبيه ثان: إذا لم يغلب على ظنه الموت في وقت محدَّد، ثم أخر فعله بدون عذر فمات فإنه يعصِ، لأن المكلف كان يمكنه المبادرة وفِعل الواجب أثناء حياته فلم يفعل، فالتمكن موجود، والوجوب محقَّق مع التمكن فيعصي.
القسم الثاني: الواجب المؤقت، وهو: الفعل الذي طلب الشارع إيقاعه من المكلف طلباً جازماً، وحدَّد له وقتاً معيناً لأدائه وإيقاعه به، وهو شيئان:
الشيء الأول: الواجب المضيَّق، وهو: الفعل الذي طلب الشارع إيقاعه من المكلف طلباً جازماً وحدَّد وقت أدائه بحيث يسعه ولا يسع غيره من جنسه، مثل: صيام يوم من رمضان، ومعروف أن اليوم يبدأ من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، وهذا الوقت الذي بينهما له لوحده، ولا يتسع لفعل شيء آخر معه، ويمثل له الشافعية بوقت صلاة المغرب على القول الجديد.