ويعطون حكم النظير لنظيره، فأخذ بالقياس إن لم يجد نصًا.

ووجد الصحابة يبقون الشيء على ما هو عليه من حكم، حتى يتغير الموضوع أو تتغير الحال، فأفتى بما سماه العلماء من بعده استصحاب الحال وأبقى الأحكام الثابتة على ما هي عليه، حتى يقوم الدليل على التغيير الموجب لحكم آخر، غير الذي ثبت في الماضي، لزوال ما كان يقتضيه ويثبته.

ووجد الصحابة في عصر الراشدين قد أخذوا بالمصالح المرسلة، واعتبروها وحدها مسوغا للحكم إن لم يكن ثمة نص، فوجد الصحابة جمعوا القرآن في المصاحف وجمعوا الناس على مصحف واحد، ووجدهم قتلوا الجماعة بالواحد، وضمنوا الأجير العام، لأنهم رأوا المصالح في ذلك، وسنوا بذلك لمن يتبعهم في طرق الاجتهاد أن يتبعهم فاتبعهم أحمد في ذلك، وأفتى بالمصالح المرسلة كما أفتوا، واختارها أصلا من أصول الاستدلال، إذ قد فتحوا له عين الطريق، فسلكه متبعًا لهم، مهتديًا بهديهم سالكًا سبيلهم.

ووجدهم قد أعطوا الوسيلة حكم الغاية، والمقدمة حكم النتيجة، فجعلوا وسيلة المطلوب مطلوبة، ووسيلة الممنوع ممنوعة، فأفتى بما سمى من بعد بالذرائع، سدًا وطلبًا.

وبذلك كان في فقهه كله سلفيًا تابعًا سواء في ذلك ما اجتهد فيه وما نقل حكمه؛ فكان من مشكاة السلف دائمًا في فقهه، وإن ذلك لم يجعل فقهه جامدًا، بل جعله خصبًا نيرًا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015