ثالثها: أن الصحابة هم الذين يفسرون القرآن، إذا لم يكن ثمة أثر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنهم هم الذين شاهدوا التنزيل، وسمعوا التأويل، وعرفوا سنة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فتفسيرهم من السنة (?).
روى عبدوس بن مالك عن أبي عبد اللَّه، قال: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والاقتداء بهم وترك البدع.
قال ابن بدران: فكانت فتاواه لذلك من تأملها وتأمل فتاوى الصحابة رأى مطابقة كل منهما على الأخرى ورأى الجميع كأنها تخرج من مشكاة واحدة، حتى إن الصحابة إذا اختلفوا على قولين جاء عنه في المسألة روايتان، وكان تحريه لفتاوى الصحابة كتحري أصحابه لفتاواه ونصوصه بل أعظم، حتى إنه ليقدم فتاواهم على الحديث المرسل (?).
قال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه حديث عن رسول اللَّه مرسل برجال ثبت أحب إليك أو حديث عن الصحابة والتابعين متصل برجال ثبت؟ قال أبو عبد اللَّه: عن الصحابة أعجب إلى (?).
قال الشيخ أبو زهرة: ولذلك كانت أقوال الصحابة وفتاويهم حجة عنده -أي الإمام أحمد- تلي حجة أحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الصحيحة، وتتقدم على المرسل من الأحاديث، والضعيف من الأخبار، وقد اتفق العلماء -الذين نقلوا فقهه- على ذلك، ولم يختلفوا فيه، فكلهم مجمع على أنه كان يأخذ بفتوى الصحابة، ولا يجتهد برأيه ما وجد في موضوع الفتوى أثرا منقولا