والسنة عند الإمام متممة للقرآن الكريم ومبينة له، ولذلك لا تعارض بينهما، بل يحمل ظاهر القرآن على ما جاءت به السنة، فتخصص عامه، وتقيد مطلقه، وتبين مجمله.
وقد صنف الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه- كتابا في طاعة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم رد فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وترك الاحتجاج بها، فقال في أثناء خطبته: إن اللَّه جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم هو المعبر عن كتاب اللَّه، الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم اللَّه لنبيه، واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه فكانوا هم أعلم الناس برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبما أراد اللَّه من كتابه، بمشاهدتهم وما قصد له الكتاب، فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال جابر: ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أظهرنا عليه يتنزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به. ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول (?).
قال الشيخ أبو زهرة: وإن هذا الكلام يدل على ثلاثة أمور:
أحدهما: أن ظاهر القرآن لا يقدم على السنة، وذلك صريح قوله.
وثانيهما: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الذي يفسر القرآن، وليس لأحد أن يتأول فيه أو يفسره، لأن السنة وحدها بيانه، فلا يطلب البيان من غير طريقها.