في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع، ولفظه: ما لا يعلم فيه خلاف فليس إجماعا. وقال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول ما يدعي فيه الرجل الإجماع، فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا ما يدريه! ولم ينته إليه فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا هذِه دعوى بشر المرسى والأصم، ولكنه يقول: لا نعلم الناس اختلفوا أو لم يبلغني ذلك. هذا لفظه.
ونصوص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف، ولو ساغ لتعطلت النصوص وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص، فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده (?).
قال ابن بدران: فلا يتوهمن متوهم أن الإمام أنكر الإجماع إنكارا عقليا وإنما أنكر العلم بالإجماع على حادثة واحدة انتشرت في جميع الأقطار وبلغت الأطراف الشاسعة ووقف عليها كل مجتهد ثم أطبق الكل فيها على قول واحد وبلغت أقوالهم كلها مدعى الإجماع عليها، وأنت خبير بأن العادة لا تساعد على هذا كما يعلمه كل منصف تخلى عن الجمود والتقليد، نعم يمكن أن يعلم هذا في عصر الصحابة دون ما بعدهم من العصور لقلة المجتهدين يومئذ وتوفر نقل المحدثين على نقل فتاواهم وأرائهم.
فلا تتهمن أيها العاقل الإمام بإنكار الإجماع مطلقا؛ فتفترى عليه (?).