وإني أُقدِّمَ هذا الكتابَ لبنةً في صَرْحِ المَوْسُوعات العِلْمية بجهودِ الباحِثِيْن بدارِ الفَلَاح، سائلين المولى عزَّ وجلَّ أَنْ يجعله في مَوَازين حسناتنا، وأن يرزقنا الإخلاص فيه لوجهه الكريم، وأَنْ ينفعَ به جموع المسلمين، وطلبة العلم منهم خاصة، وأن يكتب لهذا العمل القبول، وأن يجزي خيرًا كلَّ مَنْ ساهَمَ في هذا العملِ وبخاصةٍ إخوتي في الدار، الذين صَبروا معي عليّ مشقة هذا العمل، وعلى ما أصابهم مِنْ أذًى في أعمالٍ سابقةٍ مِنْ تطاول السفهاءِ وأذى الجاهلين، وليس هذا مقام لذكرِ هذا الأمر؛ وإنما أشرتُ إلى ذلك ليُعلَمَ أننا لم نُصنف هذا الكتابَ في رفاهيةٍ، ولم تكن الأمورُ معنا طواعيةً، فقد سَطَرْناه بعرقٍ وجهدٍ، وصبرٍ عليّ البلاءِ وقلةِ ذاتِ اليد، مع أخطارٍ تهددنا ومصائبٍ تطُّل علينا برأسِها، والحمد للَّه أولًا وآخرًا، والشكوى إليه عاجِلًا وآجلًا، واللَّه المَوعدُ، وإليهِ المَقصدُ.
هذا وإن كنا لازلنا نُعاني مِنْ بعضِ ذلك وآثاره فإنَّما هي مرحلة وستنتهي بخيرٍ إنْ شاء اللَّه، وستستعصي شجرةُ الفلاحِ على الحاقدينَ والحاسدينَ رغم مَكْرهم بالليل والنهار، وبعونِ اللَّه وتوفيقِهِ ستظل تجود بِما أَنعمَ اللهُ عليها مِنْ عطاءٍ، وما ذلكَ عَلَى اللَّه بعزيز.
نسأل اللَّه العلي القدير أن يوفق كلَّ مريدٍ للخير إلى ما يريد، وأنْ يعيذنا مِنْ شياطينِ الإنسِ والجن، وأن يُلهمنا رُشدنا، ويَسلل سخيمةَ قلوبنا، إنه هو الرَّحيمُ الغَفُور.
قال الإمام أحمد: إذا عَرَفَ الرَّجلُ نفسَهُ فما يَنْفَعُه كلامُ النَّاس.
ونَقَلَ عن إبراهيم بن أدهم قال: "ما صدَقَ اللَّهَ عبد أحبَّ الشهرة"، فنسأل المولى عزَّ وجلّ الإخلاص في القولِ والعملِ.