{فَاعْبُدْنِي}، وأفرد الصَّلاة وأمر بها خاصةً، وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} والتمسك بالكتاب يأتي على جميع الطاعة، واجتناب جميع المعصية، ثمَّ خصَّ الصلاة بالذكر، فقال: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} وإلى تضييع الصَّلاة نسب اللَّه من أوجب له العذاب قبل المعاصي فقال: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)} فمن اتباع الشهوات ركوب جميع المعاصي، فنسبهم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى جميع معصيته في تضييع الصلاة، فهذا ما أخبر اللَّه تعالى به من آي القرآن، من تعظيم الصَّلاة، وتقديمها بين يدي الأعمال كلَّها، وإفرادها بالذكر من بين جميع الطاعات. والوصيَّة بها دون أعمال البرِّ عامةً، فالصَّلاة: خطرها عظيم، وأمرها جسيم.
وبالصلاة أمر اللَّه تبارك وتعالى رسوله، أول ما أوحي إليه بالنبوة قبل كل عمل، وقبل كل فريضة، وبالصلاة أوصى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند خروجه من الدنيا فقال: "اللَّه اللَّه في الصلاة وفيما ملكت أيمانكم" (?) في آخر وصيته إياهم، وجاء الحديث أنها آخر وصية كل نبي لأمته، وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا. وجاء في حديث آخر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان يجود بنفسه ويقول: "الصلاة الصلاة الصلاة" (?).