قال إسحاق بن منصور: قلتُ: كَمْ يكفي الوضوء مِنَ الماءِ؟ فلم يوقِّت لي شيئًا، قال: أقل ما يتوضأ مرة مرة، لا أبالي أمُدًّا كان أو أقل أو أكثر.
قلتُ: فكم يكفي للغسل؟ قال: كذلك. ولمْ يوقت فيه شيئًا.
قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الصاعَ في الجنابةِ والمد في الوضوءِ ليسا بحتمٍ. يقول: لا ينبغي أقل من ذلك، ولو كان لا يجوز في الجنابة إلا صاعًا؛ لكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يغتسلُ مَعَ عائشة -رضي اللَّه عنهما- في إناء (?) وقد يُعقل أنَّ المغتسلَين من إناء واحد يفضل أحدُهما الآخرَ.
"مسائل الكوسج" (55)
قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: يُجزئ في الوضوء مدٌّ؟
قال: كذا جاء عن النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم (?)، فقال: إذا أحسن أن يتوضأ به فهو يجزئه.
قلت له: فإنَّ النَّاس في الأسفار ربما ضاق عليهم الماء، فيتوضأ الرجل بأقل من مدٍّ، فيجزئه؟ فقال: إذا أحسن أن يتوضأ به فهو يجزئه.
قال أبو عبد اللَّه: لا يمسح مسحًا، إنما هو الغسل، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}، فإنما هو الغسل ليس هو المسح، فإذا أمكنه أن يغسل به غسلًا، فإنَّ مدًّا أو أقلَّ أجزأه.
"سنن الأثرم" (90)