يا صاحب السجن فكر فيم تحسبه ... أقاتل هو أم عون لقتالِ
أم هل أتيت به رأسا لرافضة ... يرى الخروج لهم جهلًا على الوالي؟
أم هل أصيب على خمرٍ ومعزفةٍ ... يصرف الكأس فيها كل ضلالِ؟
ما هكذا هو بل لكنه ورع ... عف عفيف عن الأعراض والمالِ
ثم ذكرني بعد أيام وأخرجني من السجن، وأوقفني بين يديه، وقال: عساك مقيمًا على الكلام الذي كنت سمعته منك؟
فقلت: واللَّه يا أمير المؤمنين إني لأدعو ربي تبارك وتعالى في ليلي ونهاري ألا يميتني إلا على ما كنت سمعته مني.
قال: أراك متمسكًا! قلت: ليس هو شيء قلته من تلقاء نفسي، ولكنه شيء لقيت فيه العلماء بمكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام والثغور، فرأيتهم على السنة والجماعة.
فقال لي: وما السنة والجماعة؟ قلتُ: سألت عنها العلماء، فكل يخبر ويقول: إن صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة أن يقول العبد مخلصًا: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، والإقرار بما جاءت الأنبياء والرسل، ويشهد العبد على ما ظهر من لسانه وعقد عليه قلبه، والإيمان بالقدر خيره وشره من اللَّه، ويعلم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، والإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد علم من خلقه ما هم فاعلون،