أَخْبَرَ بِهِ عن القُرُوْنِ الماضِيَةِ فَغَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وما في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وما في المَصاحِفِ وتِلاوَة النّاسِ وكَيْفَما قُرِئَ وكَيْفَما يُوْصَفُ، فَهُو كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَمَنْ قالَ: مَخْلُوقٌ، فهو كافرٌ باللَّه العَظِيْمِ، ومَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ فهو كافِرٌ. ثُمَّ من بَعْدِ كِتابِ اللَّهِ سُنَّةُ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والحَدِيْث عَنْهُ، وعَن المَهْدِيِّينَ أَصْحابِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتَّصديقُ بِما جاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، واتباعُ سُنَّةِ النَّجاةِ، وهي التي نَقَلَها أَهْلُ العلم كابرًا عن كابرٍ.
واحْذَرُوا رأَي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهُ صاحِبُ رَأْيٍ، وكَلام وخُصُوْمات، فَقَدْ أَجْمَع مَنْ أَدْرَكْنا من أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ الجَهْمِيَّة افتَرَقَتْ ثَلاثَ فِرَقٍ؛ فَقالَتْ طائِفة مِنْهُمْ: القُرآنُ كَلامُ اللَّهِ مَخْلُوْق. وقالَتْ طائِفَة: القُرْآنُ كَلامُ اللهِ. وسَكَتَتْ، وهي الواقِفَةُ المَلْعُوْنَةُ، وقالَ بَعْضُهُمْ: أَلْفاظُنا بالقُرآنِ مَخْلُوْقَةٌ. فكلُّ هؤلاء جَهْمِيَّة كُفّار، يُسْتَتابُوْنَ، فَإِنْ تابُوا وإِلا قُتِلُوا. وأَجْمَعَ منْ أَدْرَكْنا مِنْ أَهْل العِلْمِ: أَنَّ مَنْ هذِه مَقالَتُهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ لَمْ يُناكَحْ، ولا يَجُوْزُ قَضاؤُه، ولا تُؤْكَّلُ ذَبِيْحَتُهُ.
والإيْمانُ: قَوْلٌ وعَمَلٌ، يزيدُ ويَنْقُصُ، زِيادَتُهُ إِذا أَحْسَنْتَ ونُقْصانُهْ إِذا أَسأتَ، ويَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَ الإيْمانِ إلى الإسْلامِ، وَلا يُخْرِجُهُ مِنَ الإسْلامِ شَيءٌ إلَّا الشِّرْكُ باللَّه العَظِيْمِ، أَو يَرُدُّ فَرِيْضَةً مِنْ فَرائضِ اللَّه جاحِدًا بِها، فإِنْ تَرَكَها كَسَلًا أو تَهاونًا كان في مَشِيْئَةِ اللَّه، إنْ شاءَ عَذَّبَهُ، وإِنْ شاءَ عَفا عَنه.
وأَمَّا المُعْتَزِلَةُ المَلْعُوْنَةُ: فَقَدْ أَجْمَعَ مَنْ أَدْرَكْنا من أَهْلِ العِلْمِ أَنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ بالذَّنْبِ، ومَنْ كانَ مِنْهُم كَذلِكَ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ آدمَ كانَ كَافِرًا، وأَنَّ إخوةَ يُوْسُفَ حِيْنَ كَذَّبُوا أَباهُم يَعْقُوبَ عليه السلام كانُوا كفّارًا، وأَجْمَعَتْ المُعْتَزِلةُ أَنَّ مَنْ سَرَقَ حَبَّةً فهو كافر، تَبِيْنُ مِنْهُ امرَأَتُهُ، ويَسْتَأْنِفُ الحجَّ إِنْ كانَ حَجَّ، فهؤلاء الذيْنَ