يخرجون، ويدخل فوج آخر. وكثر الناس، وامتلأَ الشارع، وأغلقنا باب الزقاق.
وجاء رجل من جيراننا قد خضب، فدخل عليه، فقال أبي: إني لأرى الرجل يحيي شيئًا من السنة فأَفْرَحُ به، فدخل فجعل يدعو له، فجعل يقول له: ولجميع المسلمين.
وجاء رجل فقال: تلطف لي بالإذن عليه، فإني قد حضرتُ ضربه يوم الدار، وأُريد أن أستحله، فقلت له، فأمسك، فلم أزل به حتى قال: أدخله. فادخلته، فقام بين يديه وجعل يبكي، وقال: يا أبا عبد اللَّه، أنا كنتُ ممن حضر ضربَك يوم الدار، وقد أتيتك، فإن أحببتَ القصاص فأنا بين يديك، وإن رأيتَ أن تحلني فعلتَ.
فقال: على أن لا تعود لمثل ذلك. قال: نعم.
قال: إني جعلتك في حل، فخرج يبكي، وبكى من حضر من الناس، وكان له في خُرَيقةٍ قُطيعات، فإذا أراد الشيء أعطينا من يشتري له.
فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: انظر في خُرَيْقتي شيء، فنظرت فإذا فيها درهم، فقال: وجِّه فاقْتَضِ بعضَ السكان. فوجهت فأعطيت شيئًا.
فقال: وجِّه فاشتر تمرًا وكفِّر عني كفارةَ يمين.
فوجهتُ فاشتريت وكفرت عنه كفارة يمين وبقي ثلاثة دراهم، أو نحو ذلك، فأخبرته.
فقال: الحمد للَّه! وقال: اقرأ علي الوصية، فقرأتها عليه، فأقرها.
قال صالح: لم يزل أبي يصلي في مرضه قائمًا أمسكه فيركع ويسجد، وأرفعه في ركوعه وسجوده، ودخل عليه مجاهد بن موسى فقال: يا أبا عبد اللَّه، قد جاءتك البشرى، هذا الخلق يشهدون لك. ما تبالي لو وردت على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الساعة، وجعل يقبل يده ويبكي، وجعل يقول: