القاضي الحنفي ونصره. وسكت القاضي الشافعي ولم يكن له ولا عليه. وكان من أعظم القائمين عليه الشيخ نصر بن المنبجي، لأنه كان بلغ ابن تيمية أنه يتعصب لابن عربي، فكتب يعاتبه على ذلك. فما أعجبه، لكونه بالغ في الحط من (?) ابن عربي وتكفيره؛ فصار هو يحط من ابن تيمية؛ ويغري بيبرس الجاشنكير. وكان بيبرس يفرط في محبته ويعظمه. واتفق أن قاضي الحنفية بدمشق وهو شمس الدين ابن الحريري انتصر للشيخ ابن تيمية وكتب في حقه محضرًا بالثناء عليه بالعلم والفهم، وكتب به في خطة ثلاثة عشر سطرًا من جملتها: أنه منذ ثلاث مئة سنة ما رأى الناس مثله اهـ.

قلت: وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتابنا هذا ماحرره الشيخ ابن تيمية للشيخ نصر بن المنبجي، وما يتعلق بالقاضي السبكي عليهم الرحمة.

ونقل الإمام العسقلاني أيضًا عن الحافظ الذهبي أنه قال: حضر عند شيخنا أبو حيان المفسر فقال: ما رأت عيناي مثل هذا الرجل! ثم مدحه بأبيات ذكر أنه نظمها بديهة، وأنشده إياها وهي:

لما أتانا تقيُّ الدين لاح لنا ... داعٍ إلى الله فَرْدٌ ما له وَزَرَ

على محياه من سيما الألى صحبوا ... خير البرية نور دونه القمر

حَبْرٌ تسربل منه دهره حِبَرًا ... بحر تقاذفُ من أمواجه الدرر

قام ابن تيمية في نصر شِرعتنا ... مقام سيدِ تَيْم إذ عَصَت مُضَرُ

وأظهر الحق إذ آثاره اندرست ... وأخمد الشر إذ طارت له شرر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015